كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن بانة

صفحة 181 - الجزء 15

  عمرو بن بانة وجعفر الطبال

  أخبرني جحظة قال: حدّثني أبو حشيشة قال:

  كنت يوما عند عمرو بن بانة، فزاره خادم كان يحبّه [فأقام عنده]⁣(⁣١)، فطلب عمرو في الدنيا كلَّها من يضرب عليه فلم يجد أحدا، فقال له جعفر الطبّال: إن أنا / غنّيتك اليوم على عود يضرب به عليك، أيّ شيء لي عندك؟

  قال: مائة درهم ودستيجة⁣(⁣٢) نبيذ. وكان جعفر متقدّما نادرا⁣(⁣٣) طيبا، وكان نذل الهمّة⁣(⁣٤)، فقال: أسمعني مخرج صوتك. ففعل فسّوى عليه طبله كما يسوي الوتر، واتكأ عليه بركبته فأوقع عليه⁣(⁣٥). ولم يزل عمرو يغنّي بقية يومه على إيقاعه لا ينكر منه شيئا حتّى انقضى يومنا ودفع إليه مائة درهم، وأحضر الدستيجة⁣(⁣٢) فلم يكن له من يحملها، فحملها جعفر على عنقه، وغطَّاها بطيلسانه وانصرفنا.

  مقاضاة جعفر الطبال لإبراهيم بن المهدي

  قال أبو حشيشة: فحدّثت بهذا الحديث إسحاق بن عمرو بن بزيع، وكان صديق إبراهيم بن المهدي، فحدّثني أنّ إبراهيم بن المهدي قال له: يا جعفر حذّق فلانة جاريتي ضرب الطبل، ولك مائة دينار أعجّل لك منها خمسين.

  قال: نعم. فعجّلت له الخمسون وعلَّمها، فلما حذقت طالب إبراهيم بتتمّة المائة فلم يعطه، فاستعدى عليه أحمد بن أبي دواد⁣(⁣٦) الحسني خليفته فأعداه، ووكَّل إبراهيم وكيلا، فلما تقدّم مع الوكيل إلى القاضي⁣(⁣٧) أراد الوكيل أن يكسر حجّة جعفر فقال: أصلح اللَّه القاضي، سله من أين له هذا الذي يدعي؟ وما سببه؟ فقال جعفر:

  أصلح اللَّه القاضي أنا رجل طبّال، وشارطني إبراهيم على مائة دينار على أن أحذّق جاريته فلانة، وعجّل لي بخمسين دينارا ومنعني الباقي بعد أن رضي حذقها، فيحضر القاضي الجارية / وطبلها، وأحضر أنا طبلي، ويسمعنا القاضي، فإن كانت مثلي قضى لي عليه، وإلَّا حذّقتها فيه حتى يرضى القاضي. فقال له القاضي: قم عليك وعليها لعنة اللَّه، وعلى من يرضى بذلك منك ومنها. فأخذ الأعوان بيده فأقاموه.

  عمرو بن بانة ورزق غلام علوية

  وقال علي بن محمد الهشامي⁣(⁣٨): حدّثني جدي ابن حمدون قال:


(١) هذه من ط، ها، مب فقط.

(٢) الدستيحة: مأخوذة من «دستي» الفارسية، جاء في «القاموس»: «الدستيج: آنية تحول باليد، معرب دستى»: وفي «المعجم الفارسي الإنجليزي» لاستينجاس ٥٢٥ أنها كل وعاء يمكن رفعه باليد:

«any vessel wich can be lifted up by the hand»

ها، مب: «دستجة». ما عدا ط، ج: «دستبيجة» محرف.

(٣) ما عدا ط، ها: «بادرا نادرا».

(٤) ما عدا ط، ها، مب: «وكان بذل الهمة» وفي هامش ط: «بذ الهيئة».

(٥) هذا ما في ط. وفي ج، أ، ها، مب: «وأوقع عليه» س: «ووقع عليه»، والأخيرة محرفة.

(٦) س: «داود».

(٧) ما عدا ط، ها، مب: «فلما تقدموا القاضي مع الوكيل».

(٨) كذا في ط، ها، وفي ج، مب: «البسامي» وأشير إليها في هامش ط. وفي سائر النسخ: «الشامي».