ذكر عمرو بن بانة
  عمرو بن بانة وجعفر الطبال
  أخبرني جحظة قال: حدّثني أبو حشيشة قال:
  كنت يوما عند عمرو بن بانة، فزاره خادم كان يحبّه [فأقام عنده](١)، فطلب عمرو في الدنيا كلَّها من يضرب عليه فلم يجد أحدا، فقال له جعفر الطبّال: إن أنا / غنّيتك اليوم على عود يضرب به عليك، أيّ شيء لي عندك؟
  قال: مائة درهم ودستيجة(٢) نبيذ. وكان جعفر متقدّما نادرا(٣) طيبا، وكان نذل الهمّة(٤)، فقال: أسمعني مخرج صوتك. ففعل فسّوى عليه طبله كما يسوي الوتر، واتكأ عليه بركبته فأوقع عليه(٥). ولم يزل عمرو يغنّي بقية يومه على إيقاعه لا ينكر منه شيئا حتّى انقضى يومنا ودفع إليه مائة درهم، وأحضر الدستيجة(٢) فلم يكن له من يحملها، فحملها جعفر على عنقه، وغطَّاها بطيلسانه وانصرفنا.
  مقاضاة جعفر الطبال لإبراهيم بن المهدي
  قال أبو حشيشة: فحدّثت بهذا الحديث إسحاق بن عمرو بن بزيع، وكان صديق إبراهيم بن المهدي، فحدّثني أنّ إبراهيم بن المهدي قال له: يا جعفر حذّق فلانة جاريتي ضرب الطبل، ولك مائة دينار أعجّل لك منها خمسين.
  قال: نعم. فعجّلت له الخمسون وعلَّمها، فلما حذقت طالب إبراهيم بتتمّة المائة فلم يعطه، فاستعدى عليه أحمد بن أبي دواد(٦) الحسني خليفته فأعداه، ووكَّل إبراهيم وكيلا، فلما تقدّم مع الوكيل إلى القاضي(٧) أراد الوكيل أن يكسر حجّة جعفر فقال: أصلح اللَّه القاضي، سله من أين له هذا الذي يدعي؟ وما سببه؟ فقال جعفر:
  أصلح اللَّه القاضي أنا رجل طبّال، وشارطني إبراهيم على مائة دينار على أن أحذّق جاريته فلانة، وعجّل لي بخمسين دينارا ومنعني الباقي بعد أن رضي حذقها، فيحضر القاضي الجارية / وطبلها، وأحضر أنا طبلي، ويسمعنا القاضي، فإن كانت مثلي قضى لي عليه، وإلَّا حذّقتها فيه حتى يرضى القاضي. فقال له القاضي: قم عليك وعليها لعنة اللَّه، وعلى من يرضى بذلك منك ومنها. فأخذ الأعوان بيده فأقاموه.
  عمرو بن بانة ورزق غلام علوية
  وقال علي بن محمد الهشامي(٨): حدّثني جدي ابن حمدون قال:
(١) هذه من ط، ها، مب فقط.
(٢) الدستيحة: مأخوذة من «دستي» الفارسية، جاء في «القاموس»: «الدستيج: آنية تحول باليد، معرب دستى»: وفي «المعجم الفارسي الإنجليزي» لاستينجاس ٥٢٥ أنها كل وعاء يمكن رفعه باليد:
«any vessel wich can be lifted up by the hand»
ها، مب: «دستجة». ما عدا ط، ج: «دستبيجة» محرف.
(٣) ما عدا ط، ها: «بادرا نادرا».
(٤) ما عدا ط، ها، مب: «وكان بذل الهمة» وفي هامش ط: «بذ الهيئة».
(٥) هذا ما في ط. وفي ج، أ، ها، مب: «وأوقع عليه» س: «ووقع عليه»، والأخيرة محرفة.
(٦) س: «داود».
(٧) ما عدا ط، ها، مب: «فلما تقدموا القاضي مع الوكيل».
(٨) كذا في ط، ها، وفي ج، مب: «البسامي» وأشير إليها في هامش ط. وفي سائر النسخ: «الشامي».