كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر آدم بن عبد العزيز وأخباره

صفحة 191 - الجزء 15

  كان آدم بن عبد العزيز يشرب الخمر ويفرط في المجون، وكان شاعرا، فأخذه المهديّ فضربه ثلاثمائة سوط على أن يقرّ بالزندقة، فقال: واللَّه ما أشركت باللَّه طرفة عين، ومتى رأيت قرشيّا تزندق؟ قال: فأين قولك:

  اسقني واسق غصينا ... لا تبع بالنقد دينا

  اسقنيها مزّة الطع ... م تريك الشّين زينا⁣(⁣١)

  - في هذين البيتين لعمرو بن بانة ثاني ثقيل بالوسطى، ولإبراهيم هزج بالبنصر -.

  قال: فقال لئن كنت ذاك فما هو ممّا يشهد على قائله بالزندقة. قال: فأين قولك:

  اسقني واسق خليلي ... في مدى الليل الطويل

  قهوة صهباء صرفا ... سبيت من نهر بيل

  لونها أصفر صاف ... وهي كالمسك الفتيل⁣(⁣٢)

  في لسان المرء منها ... مثل طعم الزنجبيل

  ريحها ينفح منها ... ساطعا من رأس ميل

  من ينل منها ثلاثا ... ينس منهاج السبيل⁣(⁣٣)

  فمتى ما نال خمسا ... تركته كالقتيل

  / ليس يدري حين ذاكم ... ما دبير من قبيل⁣(⁣٤)

  إنّ سمعي عن كلام ال ... لائمي فيها الثقيل

  لشديد الوقر، إنّي ... غير مطواع ذليل

  قل لمن يلحاك فيها ... من فقيه أو نبيل

  أنت دعها وارج أخرى ... من رحيق السلسبيل

  نعطش اليوم ونسقى ... في غد نعت الطول

  فقال: كنت فتى من فتيان قريش، أشرب النبيذ وأقول ما قلت على سبيل المجون، واللَّه ما كفرت باللَّه قطَّ، ولا شككت فيه. فخلَّى سبيله ورقّ له.

  قال مصعب: وهو الذي يقول:

  صوت

  اسقني يا معاوية ... سبعة أو ثمانية


(١) في الأصول: «مرة الطعم»، وصوابه بالزاي، كما في «تاريخ بغداد».

(٢) أنشد هذا البيت في «اللسان» (فتل) وقال: «قال أبو حنيفة: ويروى كالمسك الفتيت. قال: وهو كالفتيل. قال أبو الحسن: وهذا يدل على أنه شعر غير معروف، إذ لو كان معروفا لما اختلف في قافيته. فتفهمه جدا».

(٣) المنهاج: الطريق الواضح.

(٤) اختلف في تفسيره، ومعظم الأقوال أنه في الفتل، فما أقبل به إلى صدره فهو قبيل، وما أدبر به عنه فهو دبير. والمعنى أنه لا يعرف شيئا.