كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحزين ونسبه

صفحة 218 - الجزء 15

  أيّ الخلائق ليست في رقابهم ... لأوّلية هذا أوله نعم⁣(⁣١)

  من يعرف اللَّه يعرف أوّلية ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأمم

  حبس هشام للفرزدق بسبب مديحه للحسين ثم عفوه عنه

  فحبسه هشام فقال الفرزدق:

  أيحبسني بين المدينة والتي ... إليها قلوب الناس يهوي منيبها

  يقلَّب رأسا لم يكن رأس سيد ... وعينا له حولاء باد عيوبها

  فبعث إليه هشام فأخرجه، ووجّه إليه عليّ بن الحسين عشرة آلاف درهم وقال: اعذر يا أبا فراس، فلو كان عندنا في هذا الوقت أكثر من هذا لوصلناك به. فردّها وقال: ما قلت ما كان إلا للَّه، وما كنت لأرزأ عليه شيئا. فقال له علي: قد رأى اللَّه مكانك فشكرك، ولكنا أهل بيت إذا أنفذنا شيئا ما نرجع فيه. فأقسم عليه فقبلها.

  الخلاف في نسبة الشعر السالف

  ومن الناس أيضا من يروي هذه الأبيات لداود بن سلم في قثم بن العباس، ومنهم من يرويها لخالد بن يزيد فيه؛ فهي في روايته:

  /

  كم صارخ بك من راج وراجية ... يرجوك يا قثم الخيرات يا قثم

  أيّ العمائر ليست في رقابهم ... لأوّلية هذا أوله نعم⁣(⁣٢)

  في كفّه خيزران ريحها عبق ... من كفّ أروع في عرنينه شمم

  يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلَّم إلا حين يبتسم

  / وممن ذكر لنا ذلك الصولي عن الغلابي⁣(⁣٣) عن مهديّ بن سابق، أنّ داود بن سلم قال هذه الأبيات الأربعة سوى البيت الأوّل في شعره في علي بن الحسين #.

  وذكر الرياشي عن الأصمعي أنّ رجلا من العرب يقال له داود وقف لقثم فناداه وقال:

  يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

  كم صارخ بك من راج وراجية ... في الناس يا قثم الخيرات يا قثم

  فأمر له بجائزة سنية.

  والصحيح أنّها للحزين في عبد اللَّه بن عبد الملك. وقد غلط ابن عائشة في إدخاله البيتين في تلك الأبيات.

  وأبيات الحزين مؤتلفة منتظمة المعاني متشابهة، تنبئ عن نفسها، وهي:

  اللَّه يعلم أن قد جبت ذا يمن ... ثمّ العراقين لا يثنيني السّأم

  ثم الجزيرة أعلاها وأسفلها ... كذاك تسري على الأهوال بي القدم


(١) الأوّلية: مفاخر الآباء والأجداد. والمراد أصحاب المفاخر من آبائه. انظر «اللسان» (وأل).

(٢) العمائر: جمع عمارة، وهي الحي العظيم، أو هي أصغر من القبيلة.

(٣) كذا في أ، م، ها، مب. وفي ح: «العلا» وسائر النسخ: «العلائي».