كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الطفيل الغنوي وأخباره

صفحة 234 - الجزء 15

  وليس لنا حيّ نضاف إليهم ... ولكن لنا عود شديد شكائمه

  [حرام وإن صلَّيته ودهنته ... تأوّده ما كان في السيف قائمه]⁣(⁣١)

  أبيات الصوت قالها طفيل في وقعة أوقعها قومه بطيء

  وهذه القصيدة المذكورة فيها الغناء يقولها طفيل في وقعة أوقعها قومه بطيئ، وحرب كانت بينه وبينهم.

  سبب وقعته بطيئ

  وذكر أبو عمرو الشيبانيّ والطَّوسيّ فيما رواه عن الأصمعيّ وأبي عبيدة:

  أنّ رجلا من غنيّ يقال له قيس النّدامى⁣(⁣٢)، وفد على بعض الملوك، وكان قيس سيدا جوادا، فلما حفل المجلس أقبل الملك على من حضره من وفود العرب فقال: لأضعنّ تاجي على أكرم رجل من العرب، فوضعه على رأس قيس وأعطاه ما شاء، / ونادمه مدّة، ثم أذن له في الانصراف إلى بلده، فلما قرب من بلاد طيّئ خرجوا إليه وهم لا يعرفونه، [فلقوه برمّان]⁣(⁣٣) فقتلوه، فلما علموا أنّه قيس ندموا لأياديه⁣(⁣٤) كانت فيهم، فدفنوه وبنوا عليه بيتا.

  ثم إنّ طفيلا جمع جموعا من قيس فأغار على طيّئ فاستاق من مواشيهم ما شاء، وقتل منهم قتلى كثيرة. وكانت هذه الوقعة بين القنان وشرقيّ سلمى⁣(⁣٥)، فذلك قول طفيل في هذه القصيدة:

  فذوقوا كما ذقنا غادة محجّر ... من الغيظ في أكبادنا والتحوّب⁣(⁣٦)

  فبالقتل قتل والسّوام بمثله ... وبالشّلّ شلّ الغائط المتصوّب⁣(⁣٧)

  تمثل أعرابي ببيت من شعر طفيل حين شمت بالحجاج بن يوسف

  أخبرني علي بن الحسن⁣(⁣٨) بن علي قال: حدّثنا الحارث بن محمد، عن المدائني، عن سلمة بن محارب قال:

  لما مات محمد بن الحجاج بن يوسف جزع عليه الحجاج جزعا شديدا، ودخل الناس عليه يعزّونه ويسلَّونه، وهو لا يسلو ولا يزداد إلَّا جزعا وتفجّعا، وكان فيمن دخل عليه رجل كان الحجاج قتل ابنه يوم الزاوية، فلما رأى جزعه وقلَّة ثباته للمصيبة شمت به وسرّ لما ظهر له منه، وتمثّل بقول طفيل:

  فذوقوا كما ذقنا غداة محجّر ... من الغيظ في أكبادنا والتحوب

  وفي هذه القصيدة يقول طفيل:


(١) التكملة من مب، ها، ف.

(٢) في معظم الأصول: «الدارمي»، صوابه في مب، وها، ف و «معجم البلدان» (رمان) و «سمط اللالئ» ٥٤٦.

(٣) التكملة من ح، أ، مب، ها، ف. وهي في أ: «برقان»، تحريف. وقد أورد القصة ياقوت في رسم (رمان).

(٤) ما عدا ح، مب، ها، ف: «لأياد له».

(٥) سلمى: أحد جبلي طيئ.

(٦) رواية «الديوان» ص ١٤: «في أجوافنا». والتحوب: التوجع.

(٧) يقال غاط في الوادي يغوط، إذا ذهب فيه. والتصويب: الانحدار. وانظر «ديوان طفيل» ص ١٤.

(٨) ح: «الحسين».