أخبار زياد الأعجم ونسبه
  كان زياد الأعجم صديقا لعمر بن عبيد اللَّه بن معمر قبل أن يلي، فقال له عمر: يا أبا أمامة، لو قد وليت لتركتك لا تحتاج إلى أحد أبدا. فلما ولي فارس قصده، فلمّا لقيه أنشأ يقول:
  أبلغ أبا حفص رسالة ناصح ... أتت من زياد مستبينا كلامها
  فإنّك مثل الشّمس لا ستر دونها ... فكيف أبا حفص عليّ ظلامها
  / فقال له عمر: لا يكون عليك ظلامها أبدا. فقال زياد:
  لقد كنت أدعو اللَّه في السّرّ أن أرى ... أمور معدّ في يديك نظامها
  فقال له: قد رأيت ذلك. فقال:
  /
  فلما أتاني ما أردت تباشرت ... بناتي وقلن العام لا شكّ عامها
  قال: فهو عامهنّ إن شاء اللَّه تعالى. فقال:
  فإنّي وأرضا أنت فيها ابن معمر ... كمكَّة لم يطرب لأرض حمامها(١)
  قال: فهي كذلك يا زياد. فقال:
  إذا اخترت أرضا للمقام رضيتها ... لنفسي ولم يثقل عليّ مقامها
  وكنت أمنّي النفس منك ابن معمر ... أمانيّ أرجو أن يتمّ تمامها
  قال: قد أتمّها اللَّه عليك. فقال:
  فلا أك كالمجري إلى رأس غاية ... يرجّي سماء لم يصبه غمامها
  مديحه لعبد اللَّه بن الحشرج
  قال: لست كذلك فسل حاجتك. قال: نجيبة ورحالتها(٢)، وفرس رائع وسائسه، وبدرة وحاملها، وجارية وخادمها، وتخت ثياب(٣) ووصيف يحمله. فقال: قد أمرنا لك بجميع ما سألت، وهو لك علينا في كلّ عام.
  فخرج من عنده حتّى قدم على عبد اللَّه بن الحشرج وهو بسابور، فأنزله وألطفه(٤)، فقال في ذلك:
  إنّ السّماحة والمروءة والنّدى ... في قبّة ضربت على ابن الحشرج
  ملك أغرّ متوّج ذو نائل ... للمعتفين يمينه لم تشنج
  / يا خير من صعد المنابر بالتقى ... بعد النبيّ المصطفى المتحرّج
  لما أتيتك راجيا لنوالكم ... ألفيت باب نوالكم لم يرتج(٥)
  فأمر له بعشرة آلاف درهم.
(١) الطرب: الشوق.
(٢) النجيبة: الناقة الكريمة. والرحالة: الرحل.
(٣) التخت: وعاء يصان فيه الثياب.
(٤) ألطفه: أتحفه بالهدايا والألطاف.
(٥) أ، م: «راجيا أموالكم».