أخبار زياد الأعجم ونسبه
  / امتدح زياد الأعجم عبّاد بن الحصين الحبطي(١) وكان على شرطة الحارث بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة(٢) الذي يقال له «القباع»، وطلب حاجة فلم يقضها، فقال زياد:
  سألت أبا جهضم حاجة ... وكنت أراه قريبا يسيرا
  فلو أنني خفت منه الخلا ... ف والمنع لي لم أسله نقيرا
  / وكيف الرّجاء لما عنده ... وقد خالط البخل منه الضميرا
  أقلني أبا جهضم حاجتي ... فإني امرؤ كان ظنّي غرورا
  هجاؤه ليزيد بن حبناء حينما وعظه
  أخبرني عمي قال: حدثني الكرانيّ عن العمري، عن عطاء بن مصعب، عن عاصم بن الحدثان قال:
  مرّ يزيد بن حبناء الضبّيّ بزياد الأعجم وهو ينشد شعرا قد هجا به قتادة بن مغرب، فأفحش فيه، فقال له يزيد بن حبناء: ألم يأن لك أن ترعوي وتترك تمزيق أعراض قومك، ويحك! حتّى متى تتمادى في الضلال، كأنّك بالموت قد صبّحك أو مسّاك! فقال زياد فيه:
  يحذّرني الموت ابن حبناء والفتى ... إلى الموت يغدو جاهدا ويروح
  وكلّ امرئ لا بدّ للموت صائر ... وإن عاش دهرا في البلاد يسيح
  فقل ليزيد يا ابن حبناء لا تعظ ... أخاك وعظ نفسا فأنت جنوح.
  / تركت التّقى والدين دين محمّد ... لأهل التّقى والمسلمين يلوح
  وتابعت مرّاق العراقين سادرا ... وأنت غليظ القصريين صحيح(٣)
  فقال له يزيد بن عاصم الشّنّيّ(٤): قبحك اللَّه، أتهجو رجلا وعظك وأمرك بمعروف بمثل هذا الهجاء، هلَّا كففت إذ لم تقبل، أراه واللَّه سيأتي على نفسك ثم لا تحبق فيك عنزان(٥)، اذهب ويحك فأته واعتذر إليه لعلَّه يقبل عذرك.
  فمشى إليه بجماعة من عبد القيس فشفعوا إليه فيه، فقال: لا تثريب، لست واجدا عليه بعد يومي هذا.
  مدحه للمهلب ببيت جائزته ثلاثون ألف درهم
  أخبرني أحمد بن علي قال: سمعت جدي علي بن يحيى يحدث عن أبي الحسن عن رجل من جعفيّ قال:
(١) الحبطي: نسبة إلى الحبطات بفتحتين، وهم أبناء الحبط بفتح فكسر، وهو الحارث بن عمرو بن تميم بن مر. «الاشتقاق» ١٢٤ و «المعارف» ٣٥. وذكر ابن دريد في «الاشتقاق» والجاحظ في «البيان» (٤: ٣٦) عباد بن الحصين الحبطي. ح: «الحنطي» وب، س، م «الحنطبي» ف: «الحنظلي» صوابه في أ، مب، ها.
(٢) في جمهور الأصول: «الحارث أيام عبد اللَّه بن ربيعة»، والصواب ما أثبت من مب، ها، ف. انظر «البيان» (١: ١٩٦) و «الشعر والشعراء» ٥٣٦.
(٣) المراق: الخوارج، جمع مارق. والقصريان: مثنى القصرى، وهي آخر ضلع الجنب أسفل الأضلاع.
(٤) ما عدا ح، مب، ها، ف: «الليثي».
(٥) هذا الصواب من مب، ف. وفي جمهور الأصول: «ثم لا يحيق فيك غيران». تحبق: تضرط. وانظر لهذا المثل «أمثال الميداني» (٢: ١٥٧) و «البيان» (٢: ١٥).