أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه
  إذا ما الفتى ذو اللب حلت قصائد ... إليه فيخل للقوافي رباعها(١)
  قوله يرثي زيد بن حسن
  أخبرني عيسى بن الحسين الوارق قال: حدثنا الزبير قال: حدثنا سليمان بن عياش قال:
  لما دفن زيد بن حسن وانصرف الناس عن قبره، جاء محمد بن بشير إلى الحسن بن زيد، وعنده بنو هاشم ووجوه قريش يعزونه، فأخذ بعضادتي الباب، وقال:
  أعينيّ جودا بالدموع وأسعدا ... بني رحم ما كان زيد يهينها
  / ولا زيد إلا أن يجود بعبرة ... على القبر شاكي نكبة يستكينها(٢)
  وما كنت تلقى وجه زيد ببلدة ... من الأرض إلا وجه زيد يزينها
  لعمر أبي الناعي لعمّت مصيبة ... على الناس واختصت قصيّا رصينها(٣)
  وأنّى لنا أمثال زيد وجدّه ... مبلَّغ آيات الهدى وأمينها(٤)
  وكان حليفيه السماحة والنّدى ... فقد فارق الدنيا نداها ولينها
  غدت غدوة ترمي لؤيّ بن غالب ... يجعد الثّرى فوق امرئ ما يشينها
  أغرّ بطاحيّ بكت من فراقه ... عكاظ فبطحاء الصفا فحجونها
  فقل للتي يعلو على الناس صوتها ... ألا(٥) لا أعان اللَّه من لا يعينها
  وأرملة تبكي وقد شقّ جيبها ... عليه فآبت وهي شعث قرونها(٦)
  ولو فقهت ما يفقه(٧) الناس أصبحت ... خواشع أعلام الفلاة وعينها
  نعاه لنا الناعي فظلنا كأننا ... نرى الأرض فيها آية حان حينها
  وزالت بنا أقدامنا وتقلبت ... ظهور روابيها(٨) بنا وبطونها
(١) رواية الشطر الثاني في ف، مب:
به فتحلى للقوافي رباعها
ولعله محرف عما أثبتناه، بتقدير جزمه بلام الأمر المحذوفة. يقول لأخيه:
إذا كانت حالك تتطلب أن أعظك وأذكرك بقصائد زاجرة، فعليك أن تفهم قولي، وتنزل أشعاري منازلها اللائقة بها.
(٢) يستكينها: يخضع لها ويذل. يقول: ذهب زيد فلا يعرف قدره إلا من أصابته نكبة شديدة، فلم يجد من يعينه، فوقف على قبره يبكيه.
(٣) الرصين هنا: المصيبة الثقيلة.
(٤) ف: ومبينها.
(٥) كذا في ف. وفي سائر الأصول: به.
(٦) البيت عن ف، مب.
(٧) كذا في ف، مب: وفي سائر الأصول: فهمت. وأعلام الفلاة: جبالها. والعين: جمع عيناء، أي واسعة العين، يريد بقر الوحش.
(٨) ف: روابينا.