كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحسين بن علي ونسبه

صفحة 377 - الجزء 16

  وأصبحت في القوم الجلوس وأصبحت ... مغلَّقة دوني عليها دساكره⁣(⁣١)

  / قال: فأنكرت ذلك قريش عليه، وأزعجه مروان عن المدينة وهو واليها لمعاوية، وأجّله ثلاثة أيام، فقال:

  يا مرو إنّ مطيتي محبوسة ... ترجو الحباء⁣(⁣٢) وربها لم ييأس

  وأتيتني بصحيفة مختومة ... أخشى عليّ بها حباء النّقرس

  / ألق الصحيفة يا فرزدق لا تكن ... نكداء مثل صحيفة المتلمس⁣(⁣٣)

  وقال في ذلك:

  وأخرجني وأجّلني ثلاثا ... كما وعدت لمهلكها ثمود

  وذكر ذلك جرير في مناقضته إياه، فقال:

  وشبهت نفسك أشقى ثمود ... فقالوا ضللت ولم تهتد

  يعني تأجيل مروان له ثلاثا. وقال فيه أيضا جرير:

  تدليت تزني من ثمانين قامة ... وقصّرت عن باع العلا والمكارم

  وهما قصيدتان.

  الفرزدق ينشد سليمان من أشعاره

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: قال سليمان بن عبد الملك للفرزدق: أنشدني أجود شعر قلته، فأنشده قوله:

  عزفت بأعشاش وما كدت تعزف ... وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف

  / فقال له: زدني. فأنشده قوله:

  ثلاث واثنتان فهن خمس ... وسادسة تميل إلى الشمام⁣(⁣٤)

  فقال له سليمان: ما أظنك إلا قد أحللت بنفسك العقوبة؛ أقررت بالزنا عندي وأنا إمام، ولا بد لي من إقامة الحد عليك. قال: إن أخذت فيّ بقول اللَّه ø لم تفعل. قال: وما قال اللَّه ø؟ قال: قال: {والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ٢٢٤ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ٢٢٥ وأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ ٢٢٦}⁣(⁣٥). فضحك سليمان، وقال: تلافيتها ودرأت عن نفسك، وأمر له بجائزة سنية، وخلع عليه.


(١) البيت عن ف، مب.

(٢) الحباء: كذا في مب. وفي بقية الأصول: الغناء.

(٣) كذا روي الشطر الثاني في ف، مب. وفي بقية الأصول:

في الصحف مثل صحيفة المتلمس

(٤) كذا في ف، مب. وفي الأصول: مع السنام، وقد مرت.

(٥) سورة الشعراء آية: ٢٢٤ - ٢٢٦.