أخبار الحسين بن علي ونسبه
  وأصبحت في القوم الجلوس وأصبحت ... مغلَّقة دوني عليها دساكره(١)
  / قال: فأنكرت ذلك قريش عليه، وأزعجه مروان عن المدينة وهو واليها لمعاوية، وأجّله ثلاثة أيام، فقال:
  يا مرو إنّ مطيتي محبوسة ... ترجو الحباء(٢) وربها لم ييأس
  وأتيتني بصحيفة مختومة ... أخشى عليّ بها حباء النّقرس
  / ألق الصحيفة يا فرزدق لا تكن ... نكداء مثل صحيفة المتلمس(٣)
  وقال في ذلك:
  وأخرجني وأجّلني ثلاثا ... كما وعدت لمهلكها ثمود
  وذكر ذلك جرير في مناقضته إياه، فقال:
  وشبهت نفسك أشقى ثمود ... فقالوا ضللت ولم تهتد
  يعني تأجيل مروان له ثلاثا. وقال فيه أيضا جرير:
  تدليت تزني من ثمانين قامة ... وقصّرت عن باع العلا والمكارم
  وهما قصيدتان.
  الفرزدق ينشد سليمان من أشعاره
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: قال سليمان بن عبد الملك للفرزدق: أنشدني أجود شعر قلته، فأنشده قوله:
  عزفت بأعشاش وما كدت تعزف ... وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف
  / فقال له: زدني. فأنشده قوله:
  ثلاث واثنتان فهن خمس ... وسادسة تميل إلى الشمام(٤)
  فقال له سليمان: ما أظنك إلا قد أحللت بنفسك العقوبة؛ أقررت بالزنا عندي وأنا إمام، ولا بد لي من إقامة الحد عليك. قال: إن أخذت فيّ بقول اللَّه ø لم تفعل. قال: وما قال اللَّه ø؟ قال: قال: {والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ٢٢٤ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ٢٢٥ وأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ ٢٢٦}(٥). فضحك سليمان، وقال: تلافيتها ودرأت عن نفسك، وأمر له بجائزة سنية، وخلع عليه.
(١) البيت عن ف، مب.
(٢) الحباء: كذا في مب. وفي بقية الأصول: الغناء.
(٣) كذا روي الشطر الثاني في ف، مب. وفي بقية الأصول:
في الصحف مثل صحيفة المتلمس
(٤) كذا في ف، مب. وفي الأصول: مع السنام، وقد مرت.
(٥) سورة الشعراء آية: ٢٢٤ - ٢٢٦.