أخبار المهاجر بن خالد ونسبه، وأخبار ابنه خالد
  قال: وكانت لي جائزة قد خرجت، فقلت: تأمر سيدي يا أمير المؤمنين بإلقاء هذا الصوت عليّ مكان جائزتي، فهو أحب إليّ منها؟ فقال له: يا عم، ألق هذا الصوت على محمد. فألقاه عليّ حتى إذا كدت أن آخذه قال: اذهب فأنت أحذق الناس به. فقلت: إنه لم يصلح لي بعد. قال: فاغد غدا عليّ. فغدوت عليه، فأعاده ملتويا(١)، فقلت له:
  أيها الأمير، لك في الخلافة ما ليس لأحد؛ أنت ابن الخليفة، وأخو الخليفة، وعمّ الخليفة، تجود بالرغائب، وتبخل عليّ بصوت؟ فقال: ما أحمقك! إن المأمون لم يستبقني محبة لي، ولا صلة لرحمي، ولا ليربّ المعروف عندي، ولكنه سمع من هذا الجرم ما لم يسمعه من غيره. قال: فأعلمت المأمون بمقالته. فقال: إنا لا نكدّر على أبي إسحاق عفونا عنه، فدعه. فلما كانت / أيام المعتصم نشط للصّبوح يوما، فقال: أحضروا عمّي. فجاء في درّاعة بغير طيلسان، فأعلمت المعتصم بخبر الصوت سرّا، فقال: يا عمّ غنّني:
  يا صاح يا ذا الضامر العنس ... والرحل ذي الأقتاب والحلس
  فغناه. فقال: ألقه على محمد، فقال: قد فعلت، وقد سبق مني قول ألا أعيده عليه. ثم كان يتجنب أن يغنيه حيث أحضر.
  صوت
  أقفر بعد الأحبّة البلد ... فهو كأن لم يكن به أحد
  شجاك نؤي عفت معالمه ... وهامد في العراص ملتبد
  أمّك عنسية مهذّبة ... طابت لها الأمّهات والقصد(٢)
  / تدعى زهيرية إذا انتسبت ... حيث تلاقى الأنساب والعدد
  الشعر لحمزة بن بيض، والغناء لمعبد، خفيف ثقيل أوّل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لابن عباد ثاني ثقيل بالوسطى عن الهشامي وعمرو وابن المكيّ.
(١) ف، مب: متلونا.
(٢) كذا في ف، مب. وفي بقية الأصول: والنحد. والقصد: اسم جنس جمعي واحده قصدة بالتحريك، وهي من كل شجرة ذات شوك، أن يظهر نباتها أول ما ينبت. يريد طابت أمهاتها ومنابتها.