أخبار كعب بن مالك الأنصاري ونسبه
  ومما رواه ابنه محمد: أخبرني أحمد بن الجعد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن سابق قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزّبير، عن محمد بن كعب، عن أبيه، أنه حدّثه: أن النبي ﷺ بعثه وأوس بن الحدثان(١) أيام التشريق، فنادى:
  «إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منّى أيام أكل وشرب».
  هواه مع عثمان بن عفان
  ويقال: كان كعب بن مالك عثمانيا، وهو أحد من قعد عن عليّ بن أبي طالب #، فلم يشهد معه حروبه، وخاطبه في أمر عثمان وقتلته خطابا نذكره بعد هذا في أخباره، ثم اعتزله. وله مراث في عثمان بن عفان |، وتحريض للأنصار على نصرته قبل قتله، وتأنيب لهم على خذلانه بعد ذلك، منها قوله:
  فلو حلتم من دونه لم يزل لكم ... يد الدهر عزّ لا يبوخ ولا يسري
  ولم تقعدوا والدار كأب دخانها ... يحرّق فيها بالسعير وبالجمر
  فلم أريوما كان أكثر ضيعة ... وأقرب منه للغواية والنّكر
  يعاون عثمان ويرثيه
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال: حدثنا أبو غسان دماذ، عن أبي عبيدة قال:
  كان كعب بن مالك الأنصاريّ أحد من عاون عثمان على المصريين، وشهر سلاحه، فلما ناشد / عثمان الناس أن يغمدوا سيوفهم انصرف، ولم ير أن الأمر يخلص إليه، ولا يجري القوم إلى قتله؛ فلما قتل وقف كعب بن مالك على مجلس الأنصار، في مسجد رسول اللَّه ﷺ، فأنشدهم:
  من مبلغ الأنصار عنّي آية ... رسلا تقصّ عليهم التّبيانا
  أن قد فعلتم فعلة مذكورة ... كست الفضوح وأبدت الشّنآنا(٢)
  بقعودكم في دوركم وأميركم ... تحشى ضواحي داره النيرانا
  بينا يرجّي دفعكم عن داره ... ملئت حريقا كابيا ودخانا
  حتى إذا خلصوا إلى أبوابه ... دخلوا عليه صائما عطشانا
  يعلون قلَّته السيوف وأنتم ... متلبّثون مكانكم رضوانا(٣)
  / اللَّه يعلم أنني لم أرضه ... لكم صنيعا يوم ذاك وشانا
  يا لهف نفسي إذ يقول: ألا أرى ... نفرا من الأنصار لي أعوانا
(١) الحدثان، بفتح الحاء والدال، كذا ضبطه في «التاج» وقال: أوس بن الحدثان بن عوف بن ربيعة النصري، صحابي مشهور من هوازن، نادى أيام مني: «إنها أيام أكل وشرب». روى عنه ابنه مالك. والحدثان: اسم منقول من حدثان الدهر، أي صروفه ونوائبه. اه.
(٢) الشنآن: البغضاء. وفي ف، مب: الذلانا، أي الأذلاء.
(٣) رضوانا: مصدر رضى، في محل الحال: أي راضين. وفي ف: إخالكم صوانا.