كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الخبر في مقتل ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب

صفحة 447 - الجزء 16

  وأما ما عرضته عليّ من مسيرك إليّ ببنيك وبني أبيك⁣(⁣١)، فلا حاجة لي في ذلك، فأقم راشدا مهديا، فو اللَّه ما أحب أن تهلكوا معي إن هلكت، ولا تحسبنّ ابن أبيك لو أسلمه الزمان والناس متضرّعا متخشّعا، لكن أقول كما قال أخو بني سليم:

  فإن⁣(⁣٢) تسأليني كيف أنت فإنني ... صبور على ريب الزمان صليب

  يعزّ عليّ أن ترى بي كآبة ... فيشمت عاد⁣(⁣٣) أو يساء حبيب

  والسّلام.

  رجع الخبر إلى سياقة مقتل الصبيين

  شعر أم حكيم في طفليها

  ثم إن بسر بن أرطاة كر راجعا، وانتهى خبره إلى عليّ #، أنه قتل عبد الرّحمن وقثم ابني عبيد اللَّه بن العباس، فسرّح حارثة بن قدامة السعديّ في طلبه، وأمره أن يغذّ السير، فخرج مسرعا، فلما وصل إلى المدينة، وانتهى إليه قتل عليّ بن أبي طالب #، وبيعة الحسن رضي اللَّه تعالى عنه، ركب في السلاح، ودعا أهل المدينة إلى البيعة للحسن، فامتنعوا، فقال: واللَّه لتبايعنّ ولو بأستاهكم. فلما رأى أهل المدينة الجدّ منه بايعوا للحسن، وكر راجعا إلى الكوفة، فأصاب أمّ حكيم بنت قارظ ولهى على ابنيها، فكانت لا تعقل ولا تصغي إلى قول من أعلمها أنهما قد قتلا، ولا تزال تطوف في المواسم، تنشد الناس ابنيها بهذه الأبيات:

  صوت

  يا من أحس بنيّي اللذين هما ... كالدّرّتين تشظَّى عنهما الصدف

  يا من أحس بنيّي اللذين هما ... سمعي وقلبي، فقلبي اليوم مختطف

  يا من أحس بنيّي اللذين هما ... مخّ العظام فمخى اليوم مزدهف

  نبئت بسرا وما صدّقت ما زعموا ... من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا

  أنحي على ودجى إبنيّ مرهفة ... مشحوذة وكذاك الإثم يقترف

  حتى لقيت رجالا من أرومته ... شم الأنوف لهم في قومهم شرف

  فالآن ألعن بسرا حقّ لعنته ... هذا لعمر أبي بسر هو السّرف

  من دلّ والهة حرّى مدلَّهة ... على صبيين ضلا إذ هوى السلف

  الغناء لأبي سعيد مولى فائد، ثقيل أول بالوسطى عن عمرو، وفيه خفيف ثقيل، يقال إنه له أيضا. وفيه لعريب رمل نشيد.


(١) كذا في «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد (١: ١٥٥) وفي الأصول: ببني أبيك وولد أخيك.

(٢) ف: ولا.

(٣) عاد: كذا في ف، مب و «شرح نهج البلاغة». وفي الأصول: باغ.