ذكر أم حكيم وأخبارها
  يا أيها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر
  الواهب البزل بأرسانها ... ليس بزنديق ولا كافر
  فذكر أحمد بن الحارث عن المدائنيّ:
  أن هشاما لما أراد أن يوليه العهد، كتب بذلك إلى خالد بن عبد اللَّه القسريّ، فقال خالد: أنا بريء من خليفة يكنى أبا شاكر. فبلغ قوله هشاما، فكان سبب إيقاعه به.
  كأس أم حكيم في خزائن المأمون والمعتمد
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدثني محمد بن موسى قمطر، عن إسماعيل بن مجمع قال:
  كنا نخرج ما في خزائن المأمون(١) من الذهب والفضة، فنزكَّي عنه، فكان فيما يزكَّى عنه، قائم كأس أم حكيم، وكان فيه من الذهب ثمانون مثقالا. قال محمد بن موسى: سألت إسماعيل بن مجمع عن صفته، فقال:
  كأس كبير من زجاج أخضر، مقبضه من ذهب. هكذا ذكر إسماعيل.
  وقد حدثني علي بن صالح بن الهيثم بمثله(٢)، قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد المادرائيّ قال:
  لما أخرج المعتمد ما في الخزائن ليباع، في أيام ظهور الناجم بالبصرة، أخرج إلينا كأس أم حكيم، فكان كأسا مدوّرا على هيئة القحف(٣)، يسع ثلاثة أرطال، فقوّم بأربعة دراهم، فعجبنا من حصول مثله في الخزانة، مع خساسة قدره، فسألنا الخازن عنه. فقال: هذا كأس أمّ حكيم، فرددناه إلى الخزانة. ولعل الذهب الذي كان عليه أخذ منه حينئذ، ثم أخرج ليباع.
  محمد بن الجنيد الختلي وكأس أم حكيم
  قال محمد بن موسى: وذكر لي عبيد اللَّه بن محمد عن أبي الأغرّ، قال: كنا مع محمد بن الجنيد الختّليّ أيام الرشيد، فشرب ذات ليلة، فكان صوته:
  علَّلاني بعاتقات الكروم ... واسقياني بكأس أم حكيم
  فلم يزل يقترحه ويشرب عليه حتى السحر، فوافاه كتاب خليفته في دار الرشيد: إن الخليفة / على الركوب. وكان محمد أحد أصحاب الرشيد، ومن يقدّم دابته، فقال: ويحكم! كيف أعمل والرشيد لا يقبل لي عذرا وأنا سكران.
  فقالوا: لا بدّ من / الركوب، فركب على تلك الحال؛ فلما قدّم إلى الرشيد دابته، قال له: يا محمد، ما هذه الحال التي أراك عليها؟ قال: لم أعلم برأي أمير المؤمنين في الركوب، فشربت ليلي أجمع. قال: فما كان صوتك؟
  فأخبره.
  فقال له: عد إلى منزلك، فلا فضل فيك، فرجع إلينا وخبّرنا بما جرى، وقال: خذوا بنا في شأننا، فجلسنا على سطح، فلما متع النهار إذا خادم من خدم أمير المؤمنين قد أقبل إلينا على برذون، في يده شيء مغطَّى بمنديل،
(١) ف: كنا نخرج من دار الملوك من الذهب ...
(٢) ف: كيحلة.
(٣) القحف: العظم الذي فوق الدماغ من الجمجمة.