كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أم حكيم وأخبارها

صفحة 454 - الجزء 16

  يا أيها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر

  الواهب البزل بأرسانها ... ليس بزنديق ولا كافر

  فذكر أحمد بن الحارث عن المدائنيّ:

  أن هشاما لما أراد أن يوليه العهد، كتب بذلك إلى خالد بن عبد اللَّه القسريّ، فقال خالد: أنا بريء من خليفة يكنى أبا شاكر. فبلغ قوله هشاما، فكان سبب إيقاعه به.

  كأس أم حكيم في خزائن المأمون والمعتمد

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدثني محمد بن موسى قمطر، عن إسماعيل بن مجمع قال:

  كنا نخرج ما في خزائن المأمون⁣(⁣١) من الذهب والفضة، فنزكَّي عنه، فكان فيما يزكَّى عنه، قائم كأس أم حكيم، وكان فيه من الذهب ثمانون مثقالا. قال محمد بن موسى: سألت إسماعيل بن مجمع عن صفته، فقال:

  كأس كبير من زجاج أخضر، مقبضه من ذهب. هكذا ذكر إسماعيل.

  وقد حدثني علي بن صالح بن الهيثم بمثله⁣(⁣٢)، قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد المادرائيّ قال:

  لما أخرج المعتمد ما في الخزائن ليباع، في أيام ظهور الناجم بالبصرة، أخرج إلينا كأس أم حكيم، فكان كأسا مدوّرا على هيئة القحف⁣(⁣٣)، يسع ثلاثة أرطال، فقوّم بأربعة دراهم، فعجبنا من حصول مثله في الخزانة، مع خساسة قدره، فسألنا الخازن عنه. فقال: هذا كأس أمّ حكيم، فرددناه إلى الخزانة. ولعل الذهب الذي كان عليه أخذ منه حينئذ، ثم أخرج ليباع.

  محمد بن الجنيد الختلي وكأس أم حكيم

  قال محمد بن موسى: وذكر لي عبيد اللَّه بن محمد عن أبي الأغرّ، قال: كنا مع محمد بن الجنيد الختّليّ أيام الرشيد، فشرب ذات ليلة، فكان صوته:

  علَّلاني بعاتقات الكروم ... واسقياني بكأس أم حكيم

  فلم يزل يقترحه ويشرب عليه حتى السحر، فوافاه كتاب خليفته في دار الرشيد: إن الخليفة / على الركوب. وكان محمد أحد أصحاب الرشيد، ومن يقدّم دابته، فقال: ويحكم! كيف أعمل والرشيد لا يقبل لي عذرا وأنا سكران.

  فقالوا: لا بدّ من / الركوب، فركب على تلك الحال؛ فلما قدّم إلى الرشيد دابته، قال له: يا محمد، ما هذه الحال التي أراك عليها؟ قال: لم أعلم برأي أمير المؤمنين في الركوب، فشربت ليلي أجمع. قال: فما كان صوتك؟

  فأخبره.

  فقال له: عد إلى منزلك، فلا فضل فيك، فرجع إلينا وخبّرنا بما جرى، وقال: خذوا بنا في شأننا، فجلسنا على سطح، فلما متع النهار إذا خادم من خدم أمير المؤمنين قد أقبل إلينا على برذون، في يده شيء مغطَّى بمنديل،


(١) ف: كنا نخرج من دار الملوك من الذهب ...

(٢) ف: كيحلة.

(٣) القحف: العظم الذي فوق الدماغ من الجمجمة.