كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي العباس الأعمى

صفحة 468 - الجزء 16

  هوي أبو العباس الأعمى امرأة ذات بعل، فراسلها، فأعلمت زوجها، فقال: أطمعيه. فأطمعته. ثم قال:

  أرسلي إليه فليأتك. فأرسلت إليه، فأتاها، وجلس زوجها إلى جانبها، فقال لها أبو العباس: إنك قد وصفت لنا وما نراك، فألمسينا. فأخذت يده، فوضعتها على أير زوجها، فنفر، وعلم أن قد كيد، فنهض من عندها، وقال:

  صوت

  عليّ أليّة ما دمت حيّا ... أمسّك طائعا إلا بعود

  ولا أهدي لأرض أنت فيها ... سلام اللَّه إلَّا من بعيد

  رجوت غنيمة فوضعت كفّي ... على أير أشدّ من الحديد

  فخير منك من لا خير فيه ... وخير من زيارتكم قعودي

  وقرأت هذه الحكاية مرويّة عن الأصمعيّ غير مذكور راويها عنه. وزعم أن بشارا صاحب القصة، وأنه كان له مجلس يسمّيه البردان، يجتمع إليه فيه النساء، فعشق هذه المرأة وقد سمع كلامها. ثم ذكر الخبر بطوله، وقال فيه: فلما وصل إليها أنشأ يقول:

  مليكة قد وصفت لنا بحسن ... وإنا لا نراك فألمسينا

  فأخذ زوجها يده، فوضعها على أيره.

  ذكر إسحاق أن في البيتين الأولين والرابع من هذه الأبيات، لحنا من خفيف الثقيل، بالسبابة في مجرى الوسطى، ولم ينسبه إلى أحد. ووجدته في غناء عمرو بن بانة في هذه الطريقة منسوبا إليه، فلا أدري هو ذلك اللحن أو غيره.

  كان يحض بني أمية على ابن الزبير

  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثني أيوب بن عمر أبو سلمة قال:

  قال أبو العباس الأعمى، مولى بني الدّيل بن بكر، يحض بني أمية على عبد اللَّه بن الزّبير:

  أبني أميّة لا أرى لكم ... شبها إذا ما التفّت الشّيع

  سعة وأحلاما إذا نزعت ... أهل الحلوم فضرّها⁣(⁣١) النّزع

  / وحفيظة في كل نائبة ... شهباء لا ينهى لها الرّبع

  اللَّه أعطاكم وإن رغمت ... من ذاك أنف معاشر رتعوا⁣(⁣٢)

  أبني أمية غير أنكم ... والناس فيما أطمعوا طمعوا

  أطمعتم فيكم عدوّكم ... فسما بهم في ذاكم الطَّمع

  فلو انّكم كنتم لقولكم ... مثل الذي كانوا لكم رجعوا


(١) ف: فقصرها.

(٢) كذا في ف: وفي الأصول: رفعوا.