كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي العباس الأعمى

صفحة 469 - الجزء 16

  عما كرهتم أو لردّهم ... حذر العقوبة إنها تزع

  وله أشعار كثيرة في مدائح بني أمية، وهجاء آل الزّبير، وأكثرها في هجاء عمرو بن الزبير، ليس ذكرها مما قصدنا له.

  أبو العباس يهجو ابن الزبير

  ونسخت من كتاب قعنب بن المحرز قال: حدّثنا المدائنيّ، عن / جويرية بن أسماء:

  أن ابن الزبير رأى رجلا من حلفاء بني أسد بن عبد العزّى في حالة رثّة، فكساه ثوبين، وأمر له ببرّ وتمر، فقال أبو العباس الأعمى في ذلك:

  صوت

  كست أسد إخوانها ولو انني ... ببلدة إخواني إذا لكسيت

  فلم تر عيني مثل حيّ تحمّلوا ... إلى الشأم مظلومين منذ بريت

  غنى في هذين البيتين دحمان ثقيل أول بالبنصر، من رواية ابن المكي، ورأيت في بعض الكتب لزرزور غلام المارقيّ فيهما صنعة أيضا.

  أبو العباس يهجو البعيث المجاشعي

  وقال محمد بن معاوية: حدّثني المدائنيّ قال:

  قدم البعيث المجاشعيّ مكة، وكان أبو العباس الأعمى الشاعر لا يكاد يفارقها، وكانت جوائز أمية تأتيه من الشام، وكانت قريش كلَّها تبرّه للسانه، / وتقرّبا إلى بني أمية ببرّه. قال: فصلى البعيث مع الناس، وسأل في حمالة كانت عليه، وكان سؤولا ملحّا شديد الطمع، وكان الرجل من قريش يأتيه بالشيء يتحمّله عنه، فيقول: لا أقبله إلا أن تجيء معي إلى الصرّاف حتى ينقده ويزنه، فإن لم يفعل ذمه وهجاه. فشكوه إلى أبي العباس الأعمى، فقال:

  قودوني إليه، ففعلوا. فلما عرف مجلسه رفع عصاه، فضرب بها رأسه، ثم قال له:

  فهل أنت إلا ملصق في مجاشع ... نفاك جرير فاضطررت إلى نجد

  نفاك جرير بالهجاء إلى نجد

  ويروى:

  تظلّ إذا أعطيت شيئا سألته ... تطالب من أعطاك بالوزن والنقد

  فلا تطمعن من بعد ذا في عطيّة ... وثق بقبيح المنع والدفع والردّ

  فلست بمبق في قريش خزاية ... تذم ولو أبعدت فيه مدى الجهد⁣(⁣١)

  قال فتضاحك به من حضر، واستحيا ولم يحر جوابا. فلما جنّ الليل عليه هرب من مكة.


(١) ف:

فلست بمستبق قريشا خزاية ..... ولو أنفدت فيه مدى الدهر