أخبار أبي العباس الأعمى
  بعيدات(١) بين خيركم لصديقكم ... وشرّكم يغدو عليه ويطرق
  متى تسألوا فضلا تضنّوا وتبخلوا ... ونيرانكم بالشرّ فيها تحرّق
  إذا استبقت يوما قريش خرجتم ... بني أسد سكتا وذو المجد يسبق
  تجيئون خلف القوم سودا وجوهكم ... إذا ما قريش للأضاميم أصفقوا(٢)
  وما ذاك إلا أن للَّؤم طابعا ... يلوح عليكم وسمه ليس يخلق
  بينه وبين عمر بن أبي ربيعة
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال: حدّثني عمي مصعب قال:
  قال عمر بن أبي ربيعة لأبي العباس الأعمى الشاعر مولى بني الدّيل بن بكر:
  أفتني إن كنت ثقفا شاعرا ... عن فتى أعرج أعمى مختلف(٣)
  سئ السّحنة كأب لونه ... مثل عود الخروع البالي القصف
  فقال أبو العباس يرد عليه:
  أنت الفتى وابن الفتى وأخو الفتى(٤) ... وسيدنا لولا خلائق أربع
  نكولك في الهيجا وتقوالك الخنا ... وشتمك للمولى وأنك تبّع
  قال الزبير: يقال رجل تبع نساء وتبّع نساء: إذا كان كلفا بهن.
  أخبرني الحرميّ قال: حدّثنا الزبير قال: حدّثني عمي قال: حدّثني المكَّيّون:
  / أن عمر بن أبي ربيعة كان يرامي جارية لأبي العباس الأعمى ببنادق الغالية، فبلغ ذلك أبا العباس، فقال لقائده: قفني على باب بني مخزوم، فإذا مر عمر بن أبي ربيعة، فضع يدي عليه، فلما مر عمر وضع يده عليه، فأخذ بحجزته، وقال:
  ألا من يشتري جارا نئوما ... بجار لا ينام ولا ينيم
  ويلبس بالنهار ثياب ناس ... وشطر الليل شيطان رجيم
  فنهضت إليه بنو مخزوم، فأمسكو فمه، وضمنوا له عن عمر أن لا يعاود ما يكرهه.
(١) في («اللسان»: بعد): أبو عبيد: يقال: «لقيته بعيدات بين»: إذا لقيته بعد حين. وهو من ظروف الزمان التي لا تتمكن، ولا تستعمل إلَّا ظرفا.
(٢) الأضاميم: الجماعات، واحدها إضمامة. وأصفقوا لهم: جاؤهم من الطعام بما يشبعهم.
(٣) الثقف: الحاذق الخفيف.
(٤) الشعر من الطويل. وفي الشطر الأول منه خرم.