أخبار ذات الخال
  / وجه الرشيد إلى ذات الخال ليلة وقد مضى شطر الليل، فحضرت، فأخرج إليّ جارية كأنها المهاة، فأجلسها في حجره، ثم قال: غنني، فغنّته:
  جئن من الروم وقاليقلا ... يرفلن في المرط ولين الملا
  مقرطقات(١) بصنوف الحلى ... يا حبّذا البيض وتلك الحلى
  فاستحسنه وشرب عليه، ثم استؤذن للفضل بن الربيع، فأذن له، فلما دخل قال: ما وراءك في هذا الوقت؟ قال:
  كل خير يا أمير المؤمنين، ولكن حرى الساعة لي سبب لم يجز لي كتمانه أمير المؤمنين. قال: وما ذاك؟ قال:
  أخرج إليّ في هذا الوقت ثلاث جوار لي: مكية، ومدينية(٢)، وعراقية. فقبضت المدينية على ذكري، فلما أنعظت وثبت المكية فقعدت عليه، فقالت لها المدينية: ما هذا التعدي؟ ألم تعلمي أن مالكا حدثنا عن الزهريّ عن عبد اللَّه بن ظالم، عن سعيد بن زيد: أن النبي ﷺ قال: «من أحيا أرضا ميّتة فهي له»؟ فقالت الأخرى: أو لم تعلمي أن سفيان حدّثنا، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن النبي ﷺ قال: «الصيد لمن صاده لا لمن أثاره».
  فدفعتهما العراقية عنه، ووثبت عليه، وقالت: هدا لي، وفي يدي حتى تصطلحا. فضحك الرشيد، وأمره بحملهن إليه، ففعل، وحظين عنده، وفيهن يقول:
  ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان
  إعجاب الناس بشعر الرشيد في جواريه
  حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا الغلابيّ قال: حدثني مهديّ بن سابق قال:
  حججنا مع الرشيد آخر حجّة، فكان الناس يتناشدون له في جواريه:
  /
  ثلاث قد حللن حمى فؤادي ... ويعطين الرغائب من ودادي(٣)
  نظمت قلوبهن بخيط قلبي ... فهنّ قرابتي حتى التنادي
  فمن يك حلّ من قلب محلَّا ... فهن مع النواظر(٤) والسّواد
  غناء لإبراهيم الموصلي في ذات الخال
  ومما قاله إبراهيم وغيره في ذات الخال وغنّى فيه:
  صوت
  أذات الخال أقصيت ... محبّا بكم صبّا
  فلا أنسى حياتي ما ... عبدت الدهر لي ربّا
  وقد قلت أنيليني ... فقالت أفرق الذّنبا
(١) ف: مقرطات.
(٢) نسبة إلى مدينة الرسول خاصة.
(٣) كذا في ف. وفي الأصول: «في ودادي».
(٤) كذا في ف. وفي الأصول: من النواظر.