كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ذات الخال

صفحة 500 - الجزء 16

  / وجه الرشيد إلى ذات الخال ليلة وقد مضى شطر الليل، فحضرت، فأخرج إليّ جارية كأنها المهاة، فأجلسها في حجره، ثم قال: غنني، فغنّته:

  جئن من الروم وقاليقلا ... يرفلن في المرط ولين الملا

  مقرطقات⁣(⁣١) بصنوف الحلى ... يا حبّذا البيض وتلك الحلى

  فاستحسنه وشرب عليه، ثم استؤذن للفضل بن الربيع، فأذن له، فلما دخل قال: ما وراءك في هذا الوقت؟ قال:

  كل خير يا أمير المؤمنين، ولكن حرى الساعة لي سبب لم يجز لي كتمانه أمير المؤمنين. قال: وما ذاك؟ قال:

  أخرج إليّ في هذا الوقت ثلاث جوار لي: مكية، ومدينية⁣(⁣٢)، وعراقية. فقبضت المدينية على ذكري، فلما أنعظت وثبت المكية فقعدت عليه، فقالت لها المدينية: ما هذا التعدي؟ ألم تعلمي أن مالكا حدثنا عن الزهريّ عن عبد اللَّه بن ظالم، عن سعيد بن زيد: أن النبي قال: «من أحيا أرضا ميّتة فهي له»؟ فقالت الأخرى: أو لم تعلمي أن سفيان حدّثنا، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن النبي قال: «الصيد لمن صاده لا لمن أثاره».

  فدفعتهما العراقية عنه، ووثبت عليه، وقالت: هدا لي، وفي يدي حتى تصطلحا. فضحك الرشيد، وأمره بحملهن إليه، ففعل، وحظين عنده، وفيهن يقول:

  ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان

  إعجاب الناس بشعر الرشيد في جواريه

  حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا الغلابيّ قال: حدثني مهديّ بن سابق قال:

  حججنا مع الرشيد آخر حجّة، فكان الناس يتناشدون له في جواريه:

  /

  ثلاث قد حللن حمى فؤادي ... ويعطين الرغائب من ودادي⁣(⁣٣)

  نظمت قلوبهن بخيط قلبي ... فهنّ قرابتي حتى التنادي

  فمن يك حلّ من قلب محلَّا ... فهن مع النواظر⁣(⁣٤) والسّواد

  غناء لإبراهيم الموصلي في ذات الخال

  ومما قاله إبراهيم وغيره في ذات الخال وغنّى فيه:

  صوت

  أذات الخال أقصيت ... محبّا بكم صبّا

  فلا أنسى حياتي ما ... عبدت الدهر لي ربّا

  وقد قلت أنيليني ... فقالت أفرق الذّنبا


(١) ف: مقرطات.

(٢) نسبة إلى مدينة الرسول خاصة.

(٣) كذا في ف. وفي الأصول: «في ودادي».

(٤) كذا في ف. وفي الأصول: من النواظر.