نسب حجر بن عمرو والسبب الذي من أجله قال هذا الشعر
  معشبة، فأعجبته، فأقام بها أياما. وقالت له أم أناس: إني لأرى ذات ودك(١)، وسوء درك، كأني قد نظرت إلى رجل أسود أدلم، كأن مشافره مشافر بعير آكل مرار قد أخذ برقبته، فسمى حجر آكل المرار بذلك. وذكر باقي القصة نحو ما مضى.
  وقال في خبر ابن الهبولة: إن سدوسا أسره، وإن عمرو بن معاوية لما رآه معه حسده، فطعنه فقتله: فغضب سدوس لذلك، وقال: قتلت أسيري وديته دية / الملوك. وتحاكما إلى حجر، فحكم لسدوس على عمرو وقومه بدية ملك؛ وأعانهم في ذلك بماله. وقال سدوس / في ذلك يعاتب بني شيبان:
  ما بعدكم عيش ولا معكم ... عيش لذي أنف ولا حسب
  لولا بنو ذهل وجمع بني ... قيس وما جمّعت من نشب
  ما سمتموني خطَّة غبنا ... وعلى ضريّة رمتم غلبي
  قال: وقد روي أن حجرا ليس بآكل المرار، وإنما أبوه الحارث آكل المرار. وروي أيضا أنه إنما سمي آكل المرار لأن سدوسا لما أتاه بخبر ابن الهبولة ومداعبته لهند، وأن رأسه كان في حجرها، وحدّثه بقولها وقوله، فجعل يسمع ذلك وهو يعبث بالمرار، وهو نبت شديد المرارة، وكان جالسا في موضع فيه منه شيء كثير، فجعل يأكل من ذلك المرار غضبا وهو يسمع من سدوس ولا يعلم أنه يأكله من شدّة الغضب، حتى انتهى سدوس إلى آخر الحديث، فعلم حينئذ بذلك، ووجد طعمه، فسمي يومئذ آكل المرار.
  قال ابن الكلبي: وقال حجر في هند:
  لمن النار أوقدت بحفير ... لم تنم عند مصطل مقرور(٢)
  أوقدتها إحدى الهنود وقالت ... أنت ذا موثق وثاق الأسير
  إنّ من غرّه النساء بشيء ... بعد هند لجاهل مغرور
  وبعده باقي الأبيات المذكورة متقدّما وفيها الغناء.
  صوت
  شعر لمحمد بن صالح العلوي فيه غناء
  طرب الفؤاد وعاودت أحزانه ... وتفرّقت فرقا به أشجانه
  وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه
  يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذّرى متمنّع أركانه
  فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما جادت به أجفانه
  الشعر لمحمد بن صالح العلويّ. والغناء لرذاذ، ويقال إنه لبنان. خفيف ثقيل. وفيه ثقيل أوّل. يقال إنه لأبي العنبس، ويقال إنه للقاسم بن زرزور. وفيه لعمرو الميداني رمل طنبوريّ؛ وهو لحن مشهور.
(١) الودك: الدسم من اللحم والشحم.
(٢) هذا البيت والذي بعده فيهما إقواء، لأنهما مخالفان للبيت الثالث وللأبيات التي تقدّمت في الصوت.