كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي تمام ونسبه

صفحة 532 - الجزء 16

  بسط الرجاء لنا برغم نوائب ... كثرت بهن مصارع الآمال

  أغلى عذارى الشعر إنّ مهورها ... عند الكرام وإن رخصن غوال

  ترد الظَّنون بنا⁣(⁣١) على تصديقها ... ويحكَّم الآمال في الأموال

  أضحى سميّ أبيك فيك مصدّقا ... بأجلّ فائدة وأيمن فال

  / ورأيتني فسألت نفسك سيبها ... لي ثم جدت وما انتظرت سؤالي

  كالغيث ليس له - أريد غمامه ... أولم يرد - بدّ من التّهطال

  / فتعانقا وجلسا. وقال له الحسن: ما أحسن ما جلوت هذه العروس! فقال: واللَّه لو كانت من الحور العين لكان قيامك لها أوفى مهورها.

  قال محمد بن سعد: وأقام شهرين، فأخذ على يدي عشرة آلاف درهم، وأخذ غير ذلك مما لم أعلم به؛ على بخل كان في الحسن بن رجاء.

  دعبل يعتذر عن تعصبه عليه

  أخبرني الصّولي قال: حدّثني عون بن محمد قال:

  شهدت دعبلا عند الحسن بن رجاء وهو يضع من أبي تمام، فاعترضه عصابة الجرجرائيّ⁣(⁣٢)، فقال: يا أبا علي، اسمع مني ما قاله، فإن أنت رضيته فذاك؛ وإلا وافقتك على ما تذمّه منه، وأعوذ باللَّه فيك من ألَّا ترضاه، ثم أنشده قوله:

  أما إنه لولا الخليط المودّع ... ومغنى عفا منه مصيف ومربع

  فلما بلغ إلى قوله:

  هو السيل إن واجهته انقدت طوعه ... وتقتاده من جانبيه فيتبع

  ولم أر نفعا عند من ليس ضائرا ... ولم أر ضرّا عند من ليس ينفع

  معاد الورى بعد الممات وسيبه ... معاد لنا قبل الممات ومرجع

  فقال له دعبل: لم ندفع فضل هذا الرجل، ولكنكم ترفعونه فوق قدره، وتقدمونه على من يتقدمه، وتنسبون إليه ما قد سرقه. فقال له عصابة: إحسانه صيرك له عائبا، وعليه عاتبا.

  مدحه محمد بن الهيثم ومكافأته

  أخبرني الصّولي قال: حدّثنا الحسن بن وداع كاتب الحسن بن رجاء قال:

  حضرت أبا الحسين محمد بن الهيثم بالجبل وأبو تمام ينشده:

  أسقى ديارهم أجشّ هزيم ... وغدت عليهم نضرة ونعيم


(١) بنا: كذا في «الديوان». وفي الأصول: به.

(٢) الجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا، من بلاد العراق، بين واسط وبغداد، من الجانب الشرقي.