أخبار أبي تمام ونسبه
  إن الضّراط به تصاعد جدّكم ... فتعاظموا ضرطا بني القعقاع
  / قال ثم مات ذفافة بعد ذلك، فرثاه فقال:
  أبعد أبي العباس يستعذب الدهر(١) ... فما بعده للدهر حسن ولا عذر
  ألا أيّها الناعي ذفافة والندى ... تعست وشلَّت من أنا ملك العشر
  / أتنعى لنا من قيس عيلان صخرة ... تفلَّق عنها من جبال العدا الصخر
  إذا ما أبو العباس خلَّى مكانه ... فلا حملت أنثى ولا نالها طهر
  ولا أمطرت أرضا سماء ولا جرت ... نجوم ولا لذّت لشاربها الخمر
  كأنّ بني القعقاع يوم مصابه ... نجوم سماء خرّ من بينها البدر
  توفّيت الآمال يوم وفاته ... وأصبح في شغل عن السّفر السفر
  ثم قال: سرق أبو تمام أكثر هذه القصيدة، فأدخلها في قصيدته:
  كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر ... وليس لعين لم يفض ماؤها عدر
  مداعبة بينه وبين الحسن بن وهب
  أخبرني الصّوليّ قال: حدّثني محمد بن موسى قال:
  كان أبو تمام يعشق غلاما خزريا للحسن بن وهب، وكان الحسن يتعشق غلاما روميا لأبي تمام، فرآه أبو تمام يوما يعبث بغلامه، فقال له: واللَّه لئن أعنقت(٢) إلى الروم، لنركضنّ إلى الخزر. فقال له الحسن: لو شئت حكَّمتنا واحتكمت. فقال أبو تمام: أنا أشبهك بداود #، وأشبه نفسي بخصمه، فقال الحسن: لو كان هذا منظوما خفناه، فأما وهو منثور فلا، لأنه عارض لا حقيقة له، فقال أبو تمام:
  أبا عليّ لصرف الدهر والغير ... وللحوادث والأيام والعبر(٣)
  أذكرتني أمر داود وكنت فتى ... مصرّف القلب في الأهواء والفكر
  أعندك الشمس لم يحظ المغيب بها ... وأنت مضطرب الأحشاء للقمر
  إن أنت لم تترك السير الحثيث إلى ... جآذر الروم أعنقنا إلى الخزر
  إن القطوب(٤) له مني محلّ هوى ... يحل مني محلّ السمع والبصر
  / وربّ أمنع منه جانبا وحمى ... أمسى وتكَّته(٥) منّي على خطر
  جرّدت فيه جنود العزم فانكشفت ... منه غيابتها عن نيكة هدر(٦)
(١) الدهر: كذا في أ، م. وفي بقية الأصول: الشعر.
(٢) الإعناق: السير الواسع الفسيح الممتد.
(٣) «الديوان» (طبعة بيروت ١٨٨٩).
(٤) «الديوان»: النفور.
(٥) في الأصول: ولكنه.
(٦) «الديوان»
عنه غيابته عن فجرة هدر
والهدر: الباطل.