كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي تمام ونسبه

صفحة 536 - الجزء 16

  سبحان من سبّحته كلّ جارحة ... ما فيك من طمحان الأير والنظر⁣(⁣١)

  أنت المقيم فما تغدو رواحله ... وأيره⁣(⁣٢) أبدا منه على سفر

  سبب غضب دعبل منه

  أخبرني الصوليّ قال: حدّثني عبد اللَّه بن الحسين قال: حدّثني وهب بن سعيد قال:

  جاء دعبل إلى الحسن بن وهب في حاجة بعد موت أبي تمام، فقال له رجل في المجلس: يا أبا عليّ، أنت الذي تطعن على من يقول:

  شهدت لقد أقوت مغانيكم بعدي ... ومحّت كما محت وشائع من برد⁣(⁣٣)

  وأنجدتم من بعد اتهام داركم ... فيا دمع أنجدني على ساكني نجد

  فصاح دعبل: أحسن واللَّه! وجعل يردد «فيا دمع أنجدني على ساكني نجد» ثم قال: |! / لو كان ترك لي شيئا من شعره لقلت إنه أشعر الناس.

  رثاؤه ابني عبد اللَّه بن طاهر

  أخبرني عليّ بن سليمان ومحمد بن يحيى قالا: حدّثنا محمد بن يزيد قال:

  مات لعبد اللَّه بن طاهر ابنان صغيران في يوم واحد، فدخل عليه أبو تمام فأنشده:

  ما زالت الأيام تخبر سائلا ... أن سوف تفجع مسهلا أو عاقلا⁣(⁣٤)

  مجد تأوّب طارقا حتى إذا ... قلنا أقام الدهر أصبح راحلا⁣(⁣٥)

  / نجمان شاء اللَّه ألا يطلعا ... إلا ارتداد الطرف حتى يأفلا

  إن الفجيعة بالرياض نواضرا ... لأجل منها بالرياض ذوابلا

  لو ينسبان لكان هذا غاربا ... للمكرمات وكان هذا كاهلا⁣(⁣٦)

  لهفي على تلك المخايل منهما ... لو أمهلت حتى تكون شمائلا

  لغدا سكونهما حجى وصباهما ... حلما وتلك الأريحية نائلا

  إن الهلال إذا رأيت نموّه ... أيقنت أن⁣(⁣٧) سيكون بدرا كاملا


(١) «الديوان»

ما فيك من طمحان العين بالنظر

(٢) «الديوان»

وفعله أبدا منه على سفر

(٣) محت: درست وانمحت. والوشائع: جمع وشيعة، وهي الطريقة في البرد، وهي تخطيط يخالف لونه سائر لون البرد.

(٤) مسهلا: نازلا في السهل. وعاقلا: ممتنعا في الجبل العالي.

(٥) تاوب: ورد ليلا، وهو بمعنى طرق.

(٦) ينسبان: كذا في جميع الأصول. يريد أنهما لو نسبا أي أضيفا إلى شيء لأضيفا إلى المكرمات، فكانا بمنزلة السنام والكتف من البعير. وفي «الديوان»: لو ينسآن، أي يؤخر أجلهما.

(٧) «الديوان»: «أيقنت أن سيعود».