أخبار أبي تمام ونسبه
  سبحان من سبّحته كلّ جارحة ... ما فيك من طمحان الأير والنظر(١)
  أنت المقيم فما تغدو رواحله ... وأيره(٢) أبدا منه على سفر
  سبب غضب دعبل منه
  أخبرني الصوليّ قال: حدّثني عبد اللَّه بن الحسين قال: حدّثني وهب بن سعيد قال:
  جاء دعبل إلى الحسن بن وهب في حاجة بعد موت أبي تمام، فقال له رجل في المجلس: يا أبا عليّ، أنت الذي تطعن على من يقول:
  شهدت لقد أقوت مغانيكم بعدي ... ومحّت كما محت وشائع من برد(٣)
  وأنجدتم من بعد اتهام داركم ... فيا دمع أنجدني على ساكني نجد
  فصاح دعبل: أحسن واللَّه! وجعل يردد «فيا دمع أنجدني على ساكني نجد» ثم قال: |! / لو كان ترك لي شيئا من شعره لقلت إنه أشعر الناس.
  رثاؤه ابني عبد اللَّه بن طاهر
  أخبرني عليّ بن سليمان ومحمد بن يحيى قالا: حدّثنا محمد بن يزيد قال:
  مات لعبد اللَّه بن طاهر ابنان صغيران في يوم واحد، فدخل عليه أبو تمام فأنشده:
  ما زالت الأيام تخبر سائلا ... أن سوف تفجع مسهلا أو عاقلا(٤)
  مجد تأوّب طارقا حتى إذا ... قلنا أقام الدهر أصبح راحلا(٥)
  / نجمان شاء اللَّه ألا يطلعا ... إلا ارتداد الطرف حتى يأفلا
  إن الفجيعة بالرياض نواضرا ... لأجل منها بالرياض ذوابلا
  لو ينسبان لكان هذا غاربا ... للمكرمات وكان هذا كاهلا(٦)
  لهفي على تلك المخايل منهما ... لو أمهلت حتى تكون شمائلا
  لغدا سكونهما حجى وصباهما ... حلما وتلك الأريحية نائلا
  إن الهلال إذا رأيت نموّه ... أيقنت أن(٧) سيكون بدرا كاملا
(١) «الديوان»
ما فيك من طمحان العين بالنظر
(٢) «الديوان»
وفعله أبدا منه على سفر
(٣) محت: درست وانمحت. والوشائع: جمع وشيعة، وهي الطريقة في البرد، وهي تخطيط يخالف لونه سائر لون البرد.
(٤) مسهلا: نازلا في السهل. وعاقلا: ممتنعا في الجبل العالي.
(٥) تاوب: ورد ليلا، وهو بمعنى طرق.
(٦) ينسبان: كذا في جميع الأصول. يريد أنهما لو نسبا أي أضيفا إلى شيء لأضيفا إلى المكرمات، فكانا بمنزلة السنام والكتف من البعير. وفي «الديوان»: لو ينسآن، أي يؤخر أجلهما.
(٧) «الديوان»: «أيقنت أن سيعود».