كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر لبيد في مرثية أخيه

صفحة 44 - الجزء 17

  / أخبرني محمد بن الحسن بن دريد إجازة، عن أبي حاتم، عن أبي عبيدة، قال: أخبرني أسعد بن عمرو الجعفيّ، قال: أخبرني خالد بن قطن الحارثيّ، قال:

  لما مات عامر بن الطفيل خرجت امرأة من بني سلول كأنها نخلة حاسرا، وهي تقول:⁣(⁣١)

  أنعى عامر بن الطفيل وأبقى ... وهل يموت عامر من حقا؟

  وما أرى عامرا مات حقّا!

  / قال: فما رثي يوم أكثر باكيا وباكية، وخمش وجوه، وشقّ جيوب من ذلك اليوم.

  بنو عامر تحمي قبر عامر بالأنصاب

  وقال أبو عبيدة عن الحرمازيّ، قال:

  لما مات عامر بن الطفيل بعد منصرفه عن النبي ، نصبت عليه بنو عامر أنصابا ميلا في ميل، حمى على قبره لا تنشر فيه ماشية، ولا يرعى، ولا يسلكه راكب ولا ماش. وكان جبّار⁣(⁣٢) بن سلمى بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب غائبا، فلما قدم قال: ما هذه الأنصاب؟ قالوا: نصبناها حمى لقبر عامر بن الطَّفيل، فقال: ضيّقتم على أبي عليّ، إنّ أبا عليّ بان من الناس بثلاث: كان لا يعطش حتى يعطش الجمل، وكان لا يضلّ حتى يضلّ النّجم، وكان لا يجبن حتى يجبن السيل.

  ثلاث خلال فضل عامر بهن الناس

  قال أبو عبيدة: وقدم عامر على النبيّ وهو ابن بضع وثمانين سنة.

  مراثي لبيد لأخيه

  وممارثى به لبيد أخاه أربد قوله⁣(⁣٣):

  ألا ذهب المحافظ والمحامي ... ودافع⁣(⁣٤) ضيمنا يوم الخصام

  وأيقنت التّفرّق يوم قالوا: ... تقسّم⁣(⁣٥) مال أربد بالسّهام

  وأربد فارس الهيجا إذا ما ... تقعّرت المشاجر بالفئام⁣(⁣٦)

  / وهي طويلة يقول فيها:

  فودّع بالسلام أبا حزيز⁣(⁣٧) ... وقلّ وداع أربد بالسّلام


(١) كذا في الأصول.

(٢) في س: «حيان».

(٣) ديوانه: ٢٠١.

(٤) الديوان: «ورافع ضيمنا».

(٥) مختار الأغاني: «نقسم»، والمثبت يوافق ما في الديوان أيضا.

(٦) تقعرت: تقوضت من أصلها. وقال ابن قتيبة: المشاجر: مراكب للنساء أكبر من الهودج الواحد مشجر. والفئام: وطاء يكون للهودج، أو هو الهودج الذي وسع في أسفله بشيء زيد فيه.

(٧) في أ: «أبا حدار»، تصحيف «أبا حزاز» وفي حاشية أ: «أربد أبو حزاز» بالتشديد والتخفيف. والمثبت كما في الديوان مصغّر (حزاز).