كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر لبيد في مرثية أخيه

صفحة 47 - الجزء 17

  إنّ الرزيّة لا رزيّة مثلها ... فقدان كلّ أخ كضوء الكوكب

  / ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب

  يتأكَّلون مغالة⁣(⁣١) وخيانة ... ويغاب قائلهم وإن لم يشغب

  ولقد أراني تارة من جعفر ... في مثل غيث الوابل المتحلَّب⁣(⁣٢)

  من كل كهل كالسّنان وسيّد ... صعب المقادة كالفنيق المصعب⁣(⁣٣)

  / من معشر سنّت لهم آباؤهم ... والعزّ قد يأتي بغير تطلَّب

  فبرى عظامي بعد لحمي فقدهم ... والدّهر إن عاتبت ليس بمعتب

  حدثنا محمد بن جرير الطبريّ، قال: حدثنا أبو السائب سالم بن جنادة، قال: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنها كانت تنشد بيت لبيد:

  ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب

  ثم تقول: رحم اللَّه لبيدا، فكيف لو أدرك من نحن بين ظهرانيهم!.

  قال عروة: رحم اللَّه عائشة، فكيف بها لو أدركت من نحن بين ظهرانيهم!.

  قال هشام: رحم اللَّه أبي، فكيف لو أدرك من نحن بين ظهرانيهم! وقال وكيع: رحم اللَّه هشاما، فكيف لو أدرك من نحن بين ظهرانيهم! قال أبو السائب: رحم اللَّه وكيعا، فكيف لو أدرك من نحن بين ظهرانيهم! قال أبو جعفر: رحم اللَّه أبا السائب، فكيف لو أدرك من نحن بين ظهرانيهم!.

  قال أبو الفرج الأصبهاني: ونحن نقول: اللَّه المستعان، فالقصّة أعظم من أن توصف!.

  صوت

  فإن كان حقّا ما زعمت أتيته ... إليك فقام النائحات على قبري

  وإن كان ما بلَّغته كان باطلا ... فلا متّ حتى تسهري الليل من ذكري

  عروضه من الطويل. والشعر للعباس بن الأحنف يقوله في فوز، وخبرهما يأتي ها هنا، والغناء لبذل، خفيف رمل بالبنصر، وفيه لبنان بن عمرو ثاني ثقيل بالبنصر، وفيه لحن لابن جامع من كتاب إبراهيم. وزعم أبو العباس أنّ لمعبد اليقطينيّ فيه خفيف رمل، وذكر حبش أنّ لإبراهيم خفيف الرمل بالوسطى. وذكر عليّ بن يحيى المنجم أنه لعليّة. وقيل: إن خفيف الرمل بالبنصر للقاسم بن ز نقطة. والصحيح أنه لبذل.


(١) مغالة، أي اغتيالا.

(٢) جعفر، يعني قومه بني جعفر. في مثل غيث الوابل، أي كثرة عدد.

(٣) الفنيق: الفحل المقرم لا يركب لكرامته على أهله. المصعب: غير الذلول.