ذكر عدي بن زيد ونسبه وقصته ومقتله
  فيه يتصيّدون، فزعموا أن علقمة بن عديّ تبع حمارا فصرعه والشمس لم تطلع، ثم لحق آخر فطعنه فانقصف الرمح فيه ومرّ به فرسه يركض، فجال به العير فضربه فأصاب صدره فقتله، وقيل: إن الرمح المنقصف دخل في صدره فقتله، وذلك في أيام الربيع، وكان عديّ بن زيد معهم وإليه قصدوا، وكان نازلا في قصر ابن(١) مقاتل، فقال عديّ هذه القصيدة يرثيه بها(٢).
  صوت من المائة المختارة
  عفا من سليمى مسحلان فحامره ... تمشّى به ظلمانه وجآذره
  بمستأسد القريان عاف(٣) نباته ... فنوّاره ميل(٤) إلى الشمس زاهرة
  رأت عارضا جونا فقامت غريرة ... بمسحاتها قبل الظلام تبادره
  فما برحت حتى أتى الماء دونها ... وسدّت نواحيه ورفّع دابره
  عروضه من الطويل. عفا: درس. مسحلان: موضع. وحامره: موضع أضافه إلى مسحلان(٥). والظَّلمان:
  ذكور النعام واحدها ظليم. والجآذر: أولاد البقر واحدها جؤذر وجؤذر بضم الذال وفتحها. وتمشّى: تكثر المشي.
  والقريان: مجاري الماء إلى الرّياض واحدها قريّ. والمستأسد: ما التفّ منها وطال. والنّوّار يقال: إنه يكون أبدا حيال الشمس يستقبلها بوجهه، فيقول: إن نوّار هذه الروضة يميل زاهرة حيال الشمس. والعارض: السحاب.
  والجون: الأسود. والغريرة: الناعمة التي / لم تجرّب الأمور، يقول: لما رأت هذه المرأة السحابة السوداء قامت بمسحاتها تصلح النؤي حوالي بيتها وهو الحاجز بينه وبين الأرض المستوية. وقوله: رفّع دابره أي مؤخره الذي يلي الماء من النؤي. الشعر للحطيئة يهجو الزّبرقان بن بدر. والغناء لابن عائشة ولحنه المختار خفيف رمل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى عن إسحاق وذكر حبش أن له فيه لحنا آخر من الثقيل الثاني.
(١) كذا في جميع الأصول. ولم نجد هذا الاسم في أسماء الأماكن. والذي ورد في «معجم البلدان» لياقوت «قصر مقاتل» وقال: هو قصر كان بين عين التمر (بلدة غربيّ الكوفة) والشام وهو منسوب إلى مقاتل بن حسان بن ثعلبة، وخربه عيسى بن علي بن عبد اللَّه تم جدّد عمارته فهو له.
(٢) كذا في ح. وفي أغلب النسخ بعد قوله يرثيه بها: «انقضت أخبار عديّ بن زيد».
(٣) الذي في «ديوان الحطيئة» طبع ليبسك ص ٦٢: «حوّنباته» وحوّ: جمع أحوى وهو الأسود.
(٤) ميل هكذا بكسر الميم كما جاء وصفا للضّباب في قول ساعدة بن جؤيّة:
ضباب تنتحيه الريح ميل
قال ابن جني: الميل جمع وأجراه على الضباب وإن كان واحدا من حيث كان كثيرا، فذهب بالجمع إلى الكثرة كما قال الحطيئة:
فنوّاره ميل إلى الشمس زاهرة
قال: ويجوز أن يكون ميل واحدا كنقض ونضو ومرط. (انظر «اللسان» مادة مبل).
(٥) قال ابن السكيت: مسحلان وحامر واديان بالشأم (انظر «معجم ياقوت» في اسم حامر).