ذكر بذل وأخبارها
  /
  تغيّرت بعدي والزمان مغيّر ... وخست بعهدي والملوك تخيس
  وأظهرت لي هجرا وأخفيت بغضة ... وقرّبت وعدا واللسان عبوس
  وممّا شجاني أنني يوم زرتكم ... حجبت وأعدائي لديك جلوس
  وفي دون ذا ما يستدلّ به الفتى ... على الغدر من أحبابه ويقيس
  كفرت بدين الحبّ إن طرت بابكم(١) ... وتلك يمين - ما علمت - غموس
  فإن ذهبت نفسي عليكم تشوّقا ... فقد ذهبت للعاشقين نفوس
  ولو كان نجمي في السّعود وصلتم ... ولكن نجوم العاشقين نحوس
  وأخبرني أبو العباس الهشامي المشك، عن أهله: أنّ عليّ بن هشام كان يهوى بذلا ويكتم ذلك، وأنها هجرته مدّة، فكتب إليها بهذه الأبيات.
  تروي ثلاثين ألف صوت
  وذكر محمد بن الحسن أنّ أبا حارثة حدّثه عن أخيه أنّ معاوية قال: قالت لي بذل: كنت أروي ثلاثين ألف صوت، فلما تركت الدّرس أنسيت نصفها، فذكرت قولها لزرزر الكبير، فقال: كذبت الزّانية!.
  تغني مائة صوت لم يعرفها إبراهيم بن المهدي
  قال: وحدثني أحمد بن محمد الفيزران(٢)، عن بعض أصحابه - أنّ إبراهيم بن المهدي كان يعظَّمها ويتوافى لها، ثم تغيّر بعد ذلك استغناء عند نفسه عنها(٣)، فصارت إليه، فدعا بعود فغنّت - في طريقة واحدة وإيقاع واحد وأصبع واحدة - مائة صوت، لم يعرف إبراهيم منها صوتا / واحدا، ووضعت العود وانصرفت، فلم تدخل داره حتى طال طلبه لها وتضرّعه إليها في الرجوع إليه.
  تخجل إسحاق بن إبراهيم الموصلي لجهله أصوات أبيه
  وقال محمد بن الحسن، وذكر أحمد بن سعيد المالكيّ أنّ إسحاق بن إبراهيم الموصلي خالف بذلا في نسبة صوت غنّته بحضرة المأمون، فأمسكت عنه ساعة، ثم غنّت ثلاثة أصوات في الثقيل الثاني واحدا بعد واحد، وسألت إسحاق عن صانعها فلم يعرفه، فقالت للمأمون: يا أمير المؤمنين، هي واللَّه لأبيه، أخذتها من فيه، فإذا كان هذا لا يعرف غناء أبيه فكيف يعرف غناء غيره! فاشتدّت ذلك على إسحاق حتى رئي ذلك فيه.
  أخبرني أبو الحسن الأسديّ، قال: حدثني حمّاد بن إسحاق قال: غنّت بذل يوما بين يدي أبي:
  إن تريني ناحل البدن ... فلطول الهمّ والحزن
  كان ما أخشى بواحدتي(٤) ... ليته واللَّه لم يكن
(١) طرت بابكم: حمت حوله شغفا.
(٢) في ب، س: «العيزران».
(٣) في المختار: «بنفسه عنها».
(٤) في هامش أ: «شيبني الحب وأنحلني».