أخبار كعب بن زهير
  تزيد الأرض إمّا متّ خفّا(١) ... وتحيا إن حييت بها ثقيلا
  نزلت بمستقرّ العرض(٢) منها.
  أجز، قال: فأكدى واللَّه النابغة، وأقبل كعب بن زهير، وإنه لغلام، فقال أبوه: أجز يا بنيّ، فقال: وما أجيز؟
  فأنشده، فأجاز النصف بيت، فقال:
  وتمنع جانبيها أن يزولا(٣)
  فضمّه زهير إليه، وقال: أشهد أنك ابني.
  زهير ينهاه عن الشعر قبل أن يستحكم
  وقال ابن الأعرابيّ: قال حماد الراوية:
  تحرّك كعب بن زهير وهو يتكلَّم / بالشعر، فكان زهير ينهاه مخافة أن يكون لم يستحكم شعره، فيروى له ما لا خير فيه، فكان يضربه في ذلك، / فكلما ضربه يزيد فيه فغلبه، فطال عليه ذلك، فأخذه فحبسه، فقال: والذي أحلف به لا تتكلم ببيت شعر إلَّا ضربتك ضربا ينكَّلك(٤) عن ذلك. فمكث محبوسا عدّة أيام، ثم أخبر أنه يتكلَّم به، فدعاه فضربه ضربا شديدا، ثم أطلقه وسرّحه في بهمه(٥) وهو غليّم صغير، فانطلق فرعى ثم راح عشيّة، وهو يرتجز:
  كأنما أحدو ببهمي عيرا ... من القرى موقرة شعيرا
  زهير يثيره ليعلم تمكنه من الشعر
  فخرج إليه زهير وهو غصبان، فدعا بناقته فكفلها بكسائه، ثم قعد عليها حتى انتهى إلى ابنه كعب، فأخذ بيده فأردفه خلفه، ثم خرج فضرب ناقته وهو يريد أن يبعث ابنه كعبا ويعلم ما عنده من الشعر، فقال زهير حين برز إلى الحيّ:
  إني لتعديني على الحيّ(٦) جسرة ... تخبّ بوصّال صروم وتعنق
  ثم ضرب كعبا، وقال له: أجز يا لكع، فقال كعب:
  كبنيانة القرئيّ موضع رحلها ... وآثار نسغيها من الدّفّ أبلق(٧)
  فقال زهير:
(١) خفا، أي خفة.
(٢) في الموشح: «بمستقر العز».
(٣) في بيروت: أن يميلا.
(٤) ينكلك: يصرفك.
(٥) البهم: الصغار من ولد الضأن.
(٦) بيروت: «على الهم».
(٧) في ب، س: «القرّى»، وفي حاشية أ: «كقنطرة الرومي». والدف: المشي، النسع: سير مضفور يجعل زماما للبعير وغيره، والنسعان هنا البطان والحقب والنسع: المفصل بين الكف والساعد.