كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر مقتل حجر بن عدي

صفحة 99 - الجزء 17

  انتهوا إلى جبّانة عرزم⁣(⁣١) نظر قبيصة بن ضبيعة العبسيّ إلى داره في جبّانة عرزم، فإذا بناته مشرفات، فقال لوائل وكثير: أدنياني أوص أهلي، فأدنياه. فلما دنا منهن بكين، فسكت عنهن ساعة، ثم قال: اسكتن، فسكتن، فقال:

  اتّقين اللَّه واصبرن، فإني أرجو من ربي في وجهي هذا خيرا: إحدى الحسنيين؛ إما الشهادة فنعم سعادة، وإما الانصراف إليكنّ في عافية؛ فإنّ الذي كان يرزقكنّ ويكفيني مؤنتكن هو اللَّه تبارك وتعالى وهو حيّ لا يموت، وأرجو ألَّا يضيعكنّ، وأنّ يحفظني فيكنّ. ثم انصرف، فجعل قومه يدعون له بالعافية.

  وجاء شريح بن هانئ بكتاب، فقال: بلَّغوا هذا عني أمير المؤمنين، فتحمّله وائل بن حجر.

  ومضوا بهم حتى انتهوا⁣(⁣٢) إلى مرج عذراء⁣(⁣٣)، فحبسوا به وهم على أميال من دمشق، وهم: حجر بن عديّ الكنديّ، والأرقم بن عبد اللَّه الكنديّ، / وشريك بن شدّاد الحضرميّ، وصيفيّ بن فسيل⁣(⁣٤) الشيبانيّ، وقبيصة بن ضبيعة العبسيّ، وكريم بن عفيف الخثعميّ، وعاصم بن عوف البجليّ، وورقاء بن سميّ البجليّ⁣(⁣٥)، وكدام بن حيّان، وعبد الرحمن بن حسّان العنزيّان، ومحرز بن شهاب المنقريّ، وعبد اللَّه بن جؤيّة التميميّ، وأتبعهم زياد برجلين، وهما عتبة بن الأخنس السعديّ، وسعيد بن نمران الهمدانيّ الناعطيّ، فكانوا أربعة عشر.

  كتاب زياد إلى معاوية

  فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير، فأدخلهما، وفضّ كتابهما، وقرأه على أهل الشام:

  «. لعبد اللَّه معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين، من زياد بن أبي سفيان.

  أمّا بعد، فإنّ اللَّه قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فأداله⁣(⁣٦) من عدوّه، وكفاه مؤونة من بغى عليه، إنّ / طواغيت⁣(⁣٧) الترابيّة السابّة رأسهم حجر بن عديّ، خلعوا أمير المؤمنين، وفارقوا جماعة المسلمين، ونصبوا لنا حربا فأطفأها اللَّه عليهم، وأمكننا منهم، وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي النّهى والدّين، فشهدوا عليهم بما رأوا وعلموا، وقد بعثت إلى أمير المؤمنين، وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا.

  / فلما قرأ الكتاب قال: ما ترون في هؤلاء؟ فقال⁣(⁣٨) يزيد بن أسد البجليّ: أرى أن تفرّقهم في قرى الشام، فتكفيكهم طواغيتها⁣(⁣٩).

  كتاب شريح بن هانئ إلى معاوية ودفع وائل كتاب شريح إليه، فقرأه وهو:


(١) هي بالكوا.

(٢) أ: «مضوا حتى انتهى بهم».

(٣) مرج عذراء بغوطة دمشق (/).

(٤) انظر حاشية ٤ ص ١٤٤.

(٥) الطبري: «ثم الناعطي».

(٦) أ: «فأدركه»، وفي المختار: «أذل له الأعداء».

(٧) الطواغيت: جمع طاغوت، وهو الكثير الطغيان.

(٨) في أ: «قال».

(٩) ج، م، المختار: طواعينها.