خبر مقتل حجر بن عدي
  
  لعبد اللَّه معاوية أمير المؤمنين، من شريح بن هانئ.
  أما بعد؛ فقد بلغني أنّ زيادا كتب إليك بشهادتي على حجر، وإن شهادتي على حجر أنه ممّن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، حرام المال والدم، فإن شئت فاقتله، وإن شئت فدعه.
  معاوية يكتب إلى زياد بحيرته في أمر حجر وأصحابه، وزياد يرد عليه يطلب عقابهم
  فقرأ كتابه على وائل، وقال: ما أرى هذا إلَّا قد أخرج نفسه من شهادتكم. فحبس القوم بعد هذا، وكتب إلى زياد:
  «فهمت ما اقتصصت من أمر حجر وأصحابه والشهادة عليهم، فأحيانا أرى أنّ قتلهم أفضل، وأحيانا أرى أن العفو أفضل من قتلهم».
  فكتب زياد إليه مع يزيد بن حجيّة التيميّ: «قد عجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم مع شهادة أهل مصرهم عليهم، وهم أعلم بهم؛ فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردّنّ حجرا وأصحابه إليه.
  حجر يطلب إبلاغ معاوية تمسكه ببيعته
  فمرّ يزيد بحجر وأصحابه فأخبرهم بما كتب به زياد، فقال له حجر: أبلغ أمير المؤمنين أنّا على بيعته لا نقيلها ولا نستقيلها، وإنما شهد علينا الأعداء والأظنّاء(١).
  / فقدم يزيد بن حجيّة على معاوية بالكتاب، وأخبره بقول حجر. فقال معاوية: زياد أصدق عندنا من حجر.
  وكتب جرير بن عبد اللَّه في أمر الرجلين اللَّذين من بجيلة، فوهبهما له وليزيد بن أسد، وطلب وائل بن حجر في الأرقم الكنديّ، فتركه، وطلب أبو الأعور في عتبة بن الأخنس فوهبه له، وطلب حمزة بن مالك الهمدانيّ في سعيد بن نمران فوهبه له، وطلب(٢) حبيب بن مسلمة في عبد اللَّه بن جؤيّة التميميّ فخلَّى سبيله.
  فقام مالك بن هبيرة، فسأله في حجر فلم يشفّعه؛ فغضب وجلس في بيته. وبعث معاوية هدبة(٣) بن فيّاض القضاعيّ والحصين بن عبد اللَّه الكلابيّ، وآخر معهما يقال له أبو صريف البدريّ، فأتوهم عند المساء، فقال الخثعميّ حين رأى الأعور: يقتل نصفنا وينجو نصفنا. فقال سعيد بن نمران: اللهم اجعلني ممن ينجو، وأنت عني راض. فقال عبد الرحمن بن حسّان العنزيّ: اللهم اجعلني ممن يكرم بهوانهم وأنت عنّي راض، فطالما عرّضت نفسي للقتل، فأبى اللَّه إلَّا ما أراد.
  رسول معاوية يطلب من أصحاب حجر لعن علي فيأبون
  فجاء رسول معاوية إليهم فإنه لمعهم إذ جاء رسول بتخلية ستّة منهم وبقي ثمانية. فقال لهم رسول(٤) معاوية:
(١) الأظناء: المتهمون.
(٢) المختار: «وتكلم».
(٣) بيروت: «هدية»، بالياء المشددة، والهاء المفتوحة.
(٤) كذا في ح، والطبري، وفي أ، م، ب، س: «رسل».