كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عزة الميلاء

صفحة 113 - الجزء 17

  /

  كأنّ فاها ثغب بارد ... في رصف تحت ظلال الغمام⁣(⁣١)

  شجّ بصهباء لها سورة⁣(⁣٢) ... من بنت كرم⁣(⁣٣) عتّقت في الخيام

  تدبّ في الكأس دبيبا كما⁣(⁣٤) ... دبّ دبى وسط رفاق هيام⁣(⁣٥)

  من خمر بيسان تخيّرتها ... درياقة توشك فتر العظام⁣(⁣٦)

  يسعى بها أحمر ذو برنس ... محتلق الذّفرى شديد الحزام⁣(⁣٧)

  يقول فيها⁣(⁣٨):

  قومي بنو النّجّار إذ أقبلت ... شهباء ترمي أهلها بالقتام

  لا تخذل الجار ولا تسلم المولى ولا تخصم يوم الخصام الشعر لحسّان، والغناء لمعبد، خفيف رمل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى في البيت الأول من الأبيات، والرابع والتاسع والحادي عشر. وذكر الهشاميّ أنّ فيه لحنا لابن سريج من الرمل بالوسطى.

  وهذه الأبيات يقولها حسّان في حرب كانت بينهم⁣(⁣٩) وبين الأوس، تعرف بحرب مزاحم، وهو حصن من حصونهم.

  شعر لحسان في حرب بين الأوس والخزرج

  أخبرني بخبره حرميّ عن الزّبير، عن عمه مصعب، قال:

  / جمعت الأوس وحشدت بأحلافها، ورأَّسوا عليهم أبا قيس بن الأسلت يومئذ، فسار بهم حتى كان قريبا من مزاحم. وبلغ ذلك الخزرج، فخرجوا يومئذ وعليهم سعد بن عبادة؛ وذلك أنّ عبد اللَّه بن أبيّ كان مريضا أو متمارضا، فاقتتلوا قتالا شديدا، وقتلت بينهم قتلى كثيرة، وكان الطَّول⁣(⁣١٠) يومئذ للأوس؛ فقال حسّان في ذلك:

  ما هاج حسّان رسوم المقام ... ومظعن الحيّ ومبنى الخيام

  وذكر الأبيات كلها.

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز، عن عمر بن القاسم بن الحسن، عن محمد / بن سعد، عن الواقديّ، عن عثمان بن إبراهيم الحاطبيّ، قال:


(١) الثغب: الغدير في ظل جبل لا تصيبه الشمس فيبرد ماؤه. والرصف: الحجارة المتراصفة الدانية.

(٢) الديوان: «شجت»، وشجت: مزجت.

(٣) الديوان: «من بيت رأس». وبيت رأس: قرية بالأردن.

(٤) في الديوان: «تدب في الجسم».

(٥) الدبى: أصغر النمل.

(٦) الديوان: «ترياقة تسرع».

(٧) الديوان: «مختلق الذفرى»، أي فيهما الخلوق. الذفرى: العظم الشاخص خلف الأذن.

(٨) ديوانه ٣٨٢.

(٩) أي بين الخزرج الذين هم قوم حسان وبين الأوس.

(١٠) الطول هنا: الفوز والغلبة.