أخبار عزة الميلاء
  ومما يغنى فيه من هذه القصيدة قوله(١):
  صوت
  كلتاهما حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل(٢)
  بزجاجة رقصت بما في قعرها ... رقص القلوص براكب مستعجل
  غنّاه إبراهيم الموصليّ رملا مطلقا في مجرى الوسطى، عن إسحاق وعمرو وغيرهما، ويروى: «كلتاهما حلب العصير»، بجعل الفعل للعصير. ويروى للمفصل، بكسر الميم وفتح الصاد، وللمفصل، بفتح الميم وكسر الصاد، وهو اللسان.
  أخبرنا بذلك عليّ بن سليمان الأخفش، عن المبرد، حكاية عن أصحابه، عن الأصمعيّ.
  رجع الحديث إلى أخبار عزّة الميلاء
  عبد اللَّه بن جعفر وناسك بالمدينة
  قال إسحاق: حدثني مصعب الزبيريّ، عن محمد بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبي مليكة، عن أبيه، / عن جدّه، قال:
  كان بالمدينة رجل ناسك من أهل العلم والفقه، وكان يغشى عبد اللَّه بن جعفر، فسمع جارية مغنّية لبعض النخّاسين تغني:
  بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا(٣)
  فاستهتر(٤) بها وهام، وترك ما كان عليه، حتى مشى إليه عطاء(٥) وطاووس فلاماه؛ فكان جوابه لهما أن تمثّل بقول الشاعر:
  /
  يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللَّوم أم(٦) وقعا
  وبلغ عبد اللَّه بن جعفر خبره، فبعث إلى النخّاس، فاعترض(٧) الجارية، وسمع غناءها بهذا الصوت، وقال لها: ممّن أخذته؟ قالت: من عزّة الميلاء. فابتاعها بأربعين ألف درهم، ثم بعث إلى الرجل فسأله عن خبره، فأعلمه إياه وصدقه عنه، فقال له: أتحبّ أن تسمع هذا الصوت ممن أخذته عنه تلك الجارية؟ قال: نعم، فدعا بعزّة وقال
(١) ديوانه ٣١٢.
(٢) حاشية أ: «وقبله»:
إن التي ناولتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
وكلتاهما، أي التي قتلت - أي مزجت - والتي لم تقتل، أي لم تمزج.
(٣) ديوان الأعشى ١٠١ والبلدان (فرع). وتمامه:
واحتلت الغور فالجدين فالفرعا
(٤) استهتر بها: شغف وأولع بها.
(٥) عطاء وطاووس: كلاهما من أعلام التابعين. وانظر ترجمتهما في ابن خلكان.
(٦) أ: «أو».
(٧) اعترض الجارية: طلب أن تمرّ أمامه ليراها عن قرب.