أخبار مالك بن أسماء بن خارجة ونسبه
  يكتب إليه أبيه أن يشفع له عند الحجاج
  قال: وكتب إليه بعض أهله أن يمضي إلى الشام فيستجير ببعض بني أمية حتى يأمن، ثم يعود إلى مصره.
  وقد كان خالد بن عتّاب الرّياحيّ فعل ذلك، واستجار بزفر بن الحارث الكلابيّ، فأجاره، فراجعه عبد الملك في أمره، ثم أجاره، فكتب مالك إلى أبيه يسأله أن يدخل إلى الحجاج ويسأله في أمره، فقال أسماء في ذلك:
  أبني فزارة لا تعنّوا شيخكم ... مالي وما لزيارة الحجّاج
  شبّهته شبهلا غداة لقيته ... يلقي الرؤوس شواخب الأوداج(١)
  / تجري الدماء على النّطاع كأنها ... راح شمول غير ذات مزاج
  لا تطلبوا حاجا إليه فإنه ... بئس المؤمّل في طلاب الحاج
  يا ليت هندا أصبحت مرموسة ... أوليتها جلست عن الأزواج(٢)
  خالد بن عتاب والحجاج بن يوسف يتسابان
  قال أبو زيد: فأما خبر خالد بن عتّاب الرياحيّ، فإنّ الحجاج كان استعمله على الريّ، وكانت أمّه أمّ ولد، فكتب إليه الحجاج يلخن أمّه، ويقول يا بن اللخناء(٣)؛ أنت الذي هربت عن أبيك حتى قتل، وقد كان حلف ألَّا يسبّ أحد أمّه إلا أجابه كائنا من كان.
  فكتب إليه خالد: كتبت إليّ تلخّنني، وتزعم أني فررت عن أبي حتى قتل، ولعمري لقد فررت عنه، ولكن بعد أن قتل، وحين لم أجد لي مقاتلا، ولكن أخبرني عنك يا بن اللَّخناء المستفرمة(٤) بعجم زبيب الطائف، حين فررت أنت وأبوك يوم الحرّة على جمل ثفال(٥)، أيكما كان أمام صاحبه، فقرأ الحجاج الكتاب، وقال: صدق:
  أنا الَّذي فررت يوم الحرّة ... ثم ثنّيت كرّة بفرّه
  والشيخ لا يفرّ إلَّا مرّه
  ثم طلبه، وهرب إلى الشام، وسلَّم بيت المال ولم يأخذ منه شيئا.
  خالد بن عتاب يستجير بروح بن زنباع فلا يجيره، ويجيره زفر بن الحارث
  وكتب الحجاج إلى عبد الملك بما كان منه، وقدم خالد الشام، فسأل عن خاصّة عبد الملك، فقيل له:
  روح بن زنباع، فأتاه حين طلعت الشمس، فقال: إني جئتك مستجيرا، فقال: إنني قد أجرتك إلَّا أن تكون خالدا، / قال: فإني خالد، فتغيّر وقال: أنشدك اللَّه إلَّا خرجت عني؛ فإني لا آمن عبد الملك، فقال: أنظرني حتى تغرب الشمس. فجعل روح يراعيها حتى خرج خالد.
(١) الأوداج: جمع ودج، محركة: عرق في العنق.
(٢) في هامش أمن نسخة: ... أوليتها حبست»، وهي رواية المختار أيضا.
(٣) اللخن: تغير الريح، ورجل ألخن وامرأة لخناء.
(٤) الفرم والفرمة، وككتاب: دواء تتضيق به المرأة، فهي فرماء ومستفرمة.
(٥) جمل ثفال: بطيء.