أخبار مالك بن أسماء بن خارجة ونسبه
  وحديث ألذّه هو ممّا ... ينعت الناعتون يوزن وزنا
  منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وأحلى الحديث ما كان لحنا
  أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى المنجّم، قال:
  حدّثني أبي، قلت للجاحظ: إني قرأت في فصل من كتابك المسمى بكتاب البيان والتبيين(١): إنما يستحسن من النساء اللَّحن في الكلام، واستشهدت ببيتي مالك بن أسماء - يعني هذين البيتين - قال: هو كذاك، فقال: أما سمعت بخبر هند ابنة أسماء بن خارجة مع الحجّاج حين لحنت في كلامها، فعاب ذلك عليها، فاحتجّت ببيتي / أخيها، فقال لها: إنّ أخاك أراد أنّ المرأة فطنة، فهي تلحن بالكلام إلى غير الظاهر بالمعنى(٢) لتستر معناه، وتورّى عنه، وتفهمه من أرادت بالتعريض، كما قال اللَّه ø(٣): {ولَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} ولم يرد الخطأ من الكلام، والخطأ لا يستحسن من أحد. فوجم الجاحظ ساعة، ثم قال: لو سقط إليّ هذا الخبر أوّلا لما قلت ما تقدم، فقلت له: فأصلحه، فقال: الآن وقد سار به الكتاب في الآفاق، وهذا لا يصلح، أو كلاما نحو ما ذكرنا، فإن أبا أحمد أخبرنا به على سبيل المذاكرة فحفظته عنه.
  المتوكل يطلب من ابن داود أن يبتاع له تل بوني
  أخبرني الحسين بن يحيى، وجعفر بن قدامة، قالا: قال حماد: حدثني أحمد بن داود السدّي، قال:
  / ورد عليّ كتاب أمير المؤمنين المتوكل، وأنا على سواد الكوفة: أن ابتع لي تلّ بونّى بما بلغت، فابتعتها له، فإذا قرية صغيرة على تلّ، قد خرب ما حواليها من الضّياع، فابتعتها له بعشرة آلاف درهم، قال: فظننته حرّكه على طلبها أنه غنّي:
  حبذا ليلتي بتلّ بونّى
  فسألت عن ذلك، فعرفت أنّ جاريته مكتومة غنّته هذا الصوت.
  قال حماد: ومكتومة هذه جارية أهداها أبي إليه لما ولى الخلافة، فإنه سأل عنه، فعرف أنه قد كفّ بصره، فكتب له بمائة ألف درهم، وأمر بإشخاصه إليه مكرّما، فأشخص إليه، وأهدى إليه عدّة جوار هذه فيهن.
  الحجاج يعاتب مالكا ويستتيبه
  وروى الهيثم بن عديّ عن ابن عياش أنّ الحجاج دعا يوما بمالك بن أسماء، فعاتبه عتابا طويلا، ثم قال له:
  أنت واللَّه كما قال أخو بني جعدة(٤):
  إذا ما سوأة غرّاء ماتت ... أتيت بسوءة أخرى بهيم(٥)
(١) البيان والتبيين ١: ٨٢.
(٢) المختار: «إلى غير المعنى في الظاهر».
(٣) سورة محمد ٣٠.
(٤) ملحق ديوانه ٢٣٧، والمفضليات ٧٠.
(٥) بهيم: سوداء.