أخبار زيد الخيل ونسبه
  صبّحت حيّ بني الجرّار داهية ... ما إن لتغلب بعد اليوم جرّار
  نحوي النّهاب ونحوي كلّ جارية ... كأن نقبتها(١) في الخدّ دينار
  أغار على بني عامر
  قال مؤرّج: خرج رجل من طيئ يقال له: ذؤاب بن عبد اللَّه إلى صهر له من هوازن، فأصيب الرجل - وكان شريفا ذا رياسة في حيّه - فبلغ ذلك زيدا، فركب في نبهان ومن تبعه من ولد الغوث، وأغار على بني عامر، وجعل كلما أخذ أسيرا قال له: ألك علم بالطائيّ المقتول؟ فإن قال: نعم، قتله، وإن قال: لا، خلَّى سبيله ومنّ عليه.
  وأصاب رجالا من بني الوحيد(٢) والضباب وبني نفيل. ثم رجع زيد إلى قومه، فقالوا: ما صنعت؟ فقال: ما أصبت بثأر ذؤاب، ولا يبوء به إلا عامر بن مالك ملاعب الأسنة، فأما ابن الطفيل فلا يبوء به، وأنشأ زيد يقول:
  لا أرى أن بالقتيل قتيلا ... عامريّا يفي بقتل ذؤاب
  ليس من لاعب الأسنة في ... النقع وسمّي ملاعبا بأراب
  / عامر ليس عامر بن طفيل ... لكن العمر رأس حيّ كلاب
  ذاك إن ألقه أنال به الوتر ... وقرّت به عيون الصّحاب(٣)
  / أو يفتني فقد سبقت بوتر ... مذحجيّ وجدّ قومي كأبي
  قد تقنّصت للضّباب رجالا ... وتكرمت عن دماء الضّباب
  وأصبنا من الوحيد رجالا ... ونفيل فما أساغوا شرابي
  فبلغ عامر بن الطفيل قول زيد الخيل وشعره، فأغضبه وقال مجيبا له:
  قل لزيد قد كنت تؤثر بالحل ... م إذا سفّهت حلوم الرّجال
  ليس هذا القتيل من سلف الحيّ ... كلاع ويحصب وكلال(٤)
  أو بني آكل المرار ولا صيد ... بني جفنة الملوك الطَّوال
  وابن ماء السماء قد علم النّا ... س ولا خير في مقالة غالي
  إنّ في قتل عامر بن طفيل ... لبواء(٥) لطيّئ الأجبال
  إنني والذي يحجّ له النّا ... س قليل في عامر الأمثال
  يوم لا مال للمحارب في الحر ... ب سوى نصل أسمر عسّال
  ولجام في رأس أجرد كالجذ ... ع طوال وأبيض قصّال
  ودلاص كالنّهي ذات فضول ... ذاك في حلبة الحوادث مالي(٦)
(١) النقبة: الأثر، وفي ج: «ثقبنها» تحريف.
(٢) كذا في المختار، وهو الوجه. وفي سائر الأصول: «وكان رجل من أصحاب».
(٣) ج: «المصاب».
(٤) كلاع ويحصب وكلال: أحياء يمانية.
(٥) بواء: كفاء، وفي ج، ما: «لبوارا».
(٦) الدلاص: الدروع الملساء اللينة. والنهي: الغدير أو شبهه.