أخبار زيد الخيل ونسبه
  كررت على أبطال(١) سعد ومالك ... ومن يدع الدّاعي(٢) إذا هو ندّدا
  فلأيا كررت الورد حتى رأيتهم ... يكبّون في الصحراء مثنى وموحدا
  وحتى نبذتم بالصّعيد رماحكم ... وقد ظهرت دعوى زنيم وأسعدا
  فما زلت أرميهم بغرّة وجهه ... وبالسيف حتى كلّ تحتي وبلَّدا
  إذا شكّ أطراف العوالي لبانه ... أقدّمه حتى يرى الموت أسودا
  علالتها بالأمس ما قد علمتم ... وعلّ الجواري بيننا أن تسهّدا
  لقد علمت نبهان أنّي حميتها ... وأنى منعت السّبي أن يتبدّدا
  عشيّة غادرت ابن ضبّ كأنما ... هوى عن عقاب من شماريخ صنددا(٣)
  بذي شطب أغشي الكتيبة سلهبا(٤) ... أقبّ كسرحان الظلام معوّدا(٥)
  زيد وعامر بن الطفيل
  قال أبو عمرو: وخرج زيد الخيل يطلب نعما من بني بدر، وأغار عامر بن الطفيل على بني فزارة، فأخذ امرأة يقال لها هند، واستاق نعما لهم، فقالت بنو بدر لزيد: ما كنا قطَّ إلى نعمك أحوج منّا اليوم، فتبعه زيد الخيل، وقد مضى، وعامر يقول: يا هند، ما ظنّك بالقوم؟ فقالت: ظنّي بهم أنهم سيطلبونك، وليسوا نياما عنك.
  قال: فحطأ(٦) عجزها، ثم قال: لا تقول استها شيئا، فذهبت مثلا.
  فأدركه زيد الخيل، فنظر إلى عامر فأنكره لعظمه وجماله، وغشيه زيد فبرز له عامر، فقال: يا عامر؛ خلّ سبيل الظعينة والنّعم. فقال عامر: من أنت؟ قال: فزاري أنا. قال عامر: واللَّه ما أنت من القلح(٧) أفواها. فقال زيد: خلّ عنها، قال: لا، أو تخبرني من أنت؟ قال: أسديّ، قال: لا واللَّه ما أنت من المتكوّرين على ظهور الخيل. قال: خلّ سبيلها. قال: لا واللَّه أو تخبرني فأصدقني(٨)، قال: أنا زيد الخيل، قال: صدقت؛ فما تريد من قتالي، فو اللَّه لئن قتلتني لتطلبنّك بنو عامر، ولتذهبنّ فزارة بالذكر. فقال له زيد: خلّ عنها، قال: تخلَّى عنّي وأدعك والظعينة والنّعم؟ قال: فاستأسر، قال: أفعل، فجزّ ناصيته، وأخذ رمحه، وأخذ هندا والنعم، فردّها إلى بني بدر، وقال في ذلك:
  إنا لنكثر في قيس وقائعنا ... وفي تميم وهذا الحيّ من أسد
  وعامر بن طفيل قد نحوت له ... صدر القناة بماضي الحدّ مطَّرد
(١) كذا في أ، ب، س، وفي ج: «فتيان».
(٢) أ: «ومثلى دعا الداعي».
(٣) أ: «هوى عن حفاف». وفي المختار: «صمردا»، والصمرد، واحد الصماريد؛ وهي الأرضون الصلاب. وصندد: جبل بتهامة.
(٤) كذا في أ، ج. وفي المختار: «أغشى الكريهة».
(٥) في أ: «كسرحان الظلام معردا».
(٦) حطأ فلانا: ضرب ظهره بيده مبسوطة.
(٧) القلح، بالقاف والحاء: جمع أقلح؛ وهو الذي في أسنانه صفرة. وفي المختار: الفلج، والفلج: المتباعد وما بين الأسنان.
(٨) في المختار: «فتصدقني».