أخبار زيد الخيل ونسبه
  /
  لما أحسّ(١) بأنّ الورد مدركه ... وصارما وربيط الجأش ذا لبد
  نادى إليّ بسلم بعد ما أخذت ... منه المنية بالحيزوم واللَّغد
  ولو تصبّر لي حتى أخالطه ... أسعرته طعنة تكتار بالزّبد(٢)
  / قال: فانطلق عامر إلى قومه مجزوزا(٣)، وأخبرهم الخبر، فغضبوا لذلك، وقالوا: لا ترأسنا(٤) أبدا، وتجهّزوا ليغيروا على طيئ، ورأسوا عليهم علقمة بن علاثة، فخرجوا ومعهم الحطيئة وكعب بن زهير.
  أسر الحطيئة وكعب بن زهير ثم أطلقهما
  فبعث عامر إلى زيد الخيل دسيسا ينذره، فجمع زيد قومه، فلقيهم بالمضيق فقاتلهم، فأسر الحطيئة وكعب بن زهير وقوما منهم، فحبسهم فلما طال عليهم الأسر قالوا: يا زيد، فادنا. قال: الأمر إلى عامر بن الطفيل، فأبوا ذلك عليه، فوهبهم لعامر إلَّا الحطيئة وكعبا، فأعطاه كعب فرسه الكميت، وشكا الحطيئة الحاجة، فمنّ عليه، فقال زيد:
  أقول لعبدي جرول إذ أسرته ... أثبني ولا يغررك أنك شاعر
  أنا الفارس الحامي الحقيقة والذي ... له المكرمات واللَّهى(٥) والمآثر
  وقومي رؤوس الناس والرأس قائد ... إذا الحرب شبّتها الأكفّ المساعر
  فلست إذا ما الموت حوذر ورده ... وأترع حوضاه وحمّج ناظر(٦)
  بوقافة يخشى الحتوف تهيّبا ... يباعدني عنها من القبّ(٧) ضامر
  / ولكنني أغشى الحتوف بصعدتي(٨) ... مجاهرة إنّ الكريم يجاهر(٩)
  وأروي سناني من دماء عزيزة ... على أهلها إذ لا ترجّى الأياصر(١٠)
  شعر الحطيئة لزيد
  فقال الحطيئة لزيد:
  إن لم يكن مالي بآت فإنّني ... سيأتي ثنائي زيدا بن مهلهل(١١)
  فأعطيت منا الودّ يوم لقيتنا ... ومن آل بدر شدّة لم تهلَّل(١٢)
(١) في أ: «لما تحسب أن الورد». وفي المختار: «لما تيقن».
(٢) ب، س، ج: «كالنار بالزند»، وفي المختار: «تكتن بالزبد» والمثبت من أ، ج، وفي هامشه: تكتار، أي تجيش وترمي بالزبد، من قولهم: اكتار الفرس، إذا رفع ذنبه في العدو.
(٣) في المختار: «محزونا».
(٤) في المختار: «لا نذوق وسنا أبدا».
(٥) اللهي: العطايا.
(٦) هامش أ: «التحميج: تحديد النظر».
(٧) القب: جمع الأقبّ، وهو من الخيل الدقيق الخصر.
(٨) في المختار: «وصعدتي». والصعدة: القناة المستوية.
(٩) في المختار: «إن الشجاع مجاهر».
(١٠) الأياصر: جمع آصرة؛ وهي قرابة الرحم.
(١١) ديوانه ٨٢، وفيه: إلا يكن ... فإنه.
(١٢) في الديوان: «وأعطيت منا الود ... ومن آل بدر وقعة» وفي ابن الشجري: «فأعطتك». ولم تهلَّل: لم تضعف.