كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار زيد الخيل ونسبه

صفحة 172 - الجزء 17

  في الجاهلية، فحسده ابن عمّ له فلطم عينه، فخرج عباس من أعمال بني سليم في عدّة من أهل بيته وقومه، فنزل في بني فزارة، وكان معهم يومئذ، ولم يكن لزيد المرباع حينئذ، وأدركت فزارة بني نبهان، فاقتتلوا قتالا شديدا، فلما رأى زيد ما لقيت بنو نبهان نادى: يا بني نبهان؛ أأحمل ولي المرباع؟ قالوا: نعم، فشدّ على بني سليم فهزمهم، وأخذ أم الأسود امرأة عباس بن أنس، ثم شدّ على فزارة والأخلاط فهزمهم، وقال في ذلك:

  ألا ودّعت جيرانها أمّ أسودا ... وضنّت على ذي حاجة أن يزوّدا

  وأبغض أخلاق النساء أشدّه ... إليّ فلا تولنّ أهلي تشددا

  وسائل بني نبهان عنّا وعندهم ... بلاء كحدّ السيف إذ قطع اليدا

  دعوا مالكا ثم اتّصلنا بمالك ... فكلّ ذكا مصباحه فتوقّدا

  وبشر بن عمرو قد تركنا مجندلا ... ينوء بخطَّار هناك ومعبدا⁣(⁣١)

  تمطَّت به قوداء ذات علالة ... إذا الصّلدم الخنذيذ أعيا وبلَّدا⁣(⁣٢)

  لقيناهم نستنقذ الخيل كالقنا ... ويستسلبون السّمهريّ المقصّدا⁣(⁣٣)

  فيا ربّ قدر قد كفأنا وجفنة ... بذي الرّمث إذ يدعون مثنى وموحدا

  / على أنني أثوي سناني وصعدتي ... - بساقين - زيدا أن يبوء ومعبدا

  زيد وقيس بن عاصم

  قال أبو عمرو: وقعت حرب بين أخلاط طيّئ، فنهاهم زيد عن ذلك وكرهه فلم ينتهوا، فاعتزل وجاور بني تميم، ونزل على قيس بن عاصم، فغزت بنو تميم بكر بن وائل وعليهم قيس، وزيد معه، فاقتتلوا قتالا شديدا، وزيد كافّ. فلما رأى ما لقيت تميم ركب فرسه، وحمل على القوم، وجعل يدعو بالتميم، ويتكنّى بكنية قيس إذا قتل رجلا أو أذراه⁣(⁣٤) عن فرسه، أو هزم ناحية، حتى هزمت بكر، وظفرت تميم، فصارت فخرا لهم في العرب، وافتخر بها قيس.

  فلما قدموا قال له زيد: أقسم لي يا قيس نصيبي، فقال: وأيّ نصيب؟ فو اللَّه ما ولي القتال غيري وغير أصحابي، فقال زيد:

  ألا هل أتاها والأحاديث جمّة ... مغلغلة أنباء جيش اللَّهازم

  فلست بوقّاف إذا الخيل أحجمت ... ولست بكذّاب كقيس بن عاصم

  تخبّز من لاقيت أن قد هزمتهم ... ولم تدر ما سيماهم والعمائم⁣(⁣٥)

  بل الفارس الطائيّ فضّ جموعهم⁣(⁣٦) ... ومكَّة والبيت الذي عند هاشم


(١) أ: «مجدلا ... هناك معبدا».

(٢) الصلدم: الفحل الشديد الحافر. والخنذيذ: الطويل وفي أ: «إذا الصارم».

(٣) أوج: «ويستلبون». والسمهريّ: الرمح الصليب العود. والمقصد: المكسور.

(٤) أذراه: أطاره.

(٥) أ: «لا، وعائم». وقال في هامشه: «وعائم: اسم صنم».

(٦) الفارس الطائي هو زيد الخيل.