كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر خالد ورملة وأخبارهما

صفحة 221 - الجزء 17

  أنّ محمد بن عمرو بن سعيد بن العاصي قدم الشام غازيا، فأتى عمّته أميّة⁣(⁣١) بنت سعيد، وهي عند خالد بن يزيد بن معاوية، فدخل خالد فرآه، فقال: ما يقدم علينا أحد من أهل الحجاز إلا اختار المقام عندنا على المدينة، فظنّ محمد أنه يعرّض به، فقال له: وما يمنعهم من ذلك، وقد قدم قوم من أهل المدينة على النواضح⁣(⁣٢)، فنكحوا أمّك وسلبوك ملكك، وفرّغوك لطلب الحديث وقراءة الكتب، وعمل الكيميا الذي لا تقدر عليه. انتهى.

  أمه تقتل زوجها مروان بن الحكم

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ، قال: حدثنا الخراز عن المدائنيّ، عن أبي أيوب القرشيّ، عن يزيد بن حصين بن نمير:

  أنّ مروان بن الحكم تزوّج أم خالد بن يزيد بن معاوية، فناظر خالدا يوما وأراد أن يضع منه في شيء جرى بينهما، فقال له: يا بن الرّطبة، فقال له خالد: إنك لأمّي مختبر⁣(⁣٣)، وأنت بهذا أعلم. ثم أتى أمّه فأخبرها، وقال:

  أنت صنعت بي هذا، فقالت له: دعه، فإنه لا يقولها لك بعد اليوم.

  / فدخل مروان عليها فقال لها: هل أخبرك خالد بشيء؟ فقالت: يا أمير المؤمنين! خالد أشدّ تعظيما لك من أن يذكر لي خبرا جرى بينك وبينه.

  فلما أمسى وضعت مرفقة على وجهه، وقعدت عليها هي وجواريها حتى مات.

  وأراد عبد الملك قتلها، وبلغها ذلك، فقالت: أما إنه أشدّ عليك أن يعلم الناس أن أباك قتلته امرأة؛ فكفّ عنها.

  رملة تشكو سكينة بنت الحسين إلى عبد الملك بن مروان

  أخبرني محمد قال: حدّثني الخراز، عن المدائنيّ، قال: وأخبرني الطوسيّ، عن الزّبير، عن المدائنيّ، عن جويرية قال:

  نشزت سكينة بنت الحسين بن عليّ @ على زوجها عبد اللَّه بن عثمان - وأمّه رملة بنت الزبير - فدخلت رملة على عبد الملك بن مروان، وهو عند خالد بن يزيد بن معاوية، فقالت: يا أمير المؤمنين، لولا أن يبتزّ أمرنا⁣(⁣٤) ما كانت لنا رغبة فيمن لا يرغب فينا، سكينة بنت الحسين # قد نشزت على ابني، قال:

  يا رملة، إنها سكينة، قالت: وإن كانت سكينة، فو اللَّه لقد ولدنا خيرهم، ونكحنا خيرهم، وأنكحنا خيرهم، تعني بمن ولدوا فاطمة بنت رسول اللَّه ، ومن نكحوا صفيّة بنت عبد المطلب، ومن أنكحوا النبيّ .

  فقال: يا رملة، غرّني منك عروة بن الزّبير، فقالت: ما غرّك، ولكن نصح لك؛ لأنك قتلت أخي مصعبا فلم يأمني عليك.


(١) المختار: «آمنة».

(٢) الناضح: البعير الذي يستقى عليه الماء، والأنثى: ناضحه، بهاء.

(٣) أ، ج: «فقال له خالد: الأمير مختبر»، وفي المختار: «إنك لأمين مختبر».

(٤) المختار: «لو أن لنا من يدبر أمرنا».