كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حاتم ونسبه

صفحة 253 - الجزء 17

  عليك قريّتك⁣(⁣١). ثم إنه أتاه رجل، فقال له: إنك إن تقدم القريّة تهلك. فانصرف ولم يقدم.

  حاتم وأسير له

  غزت فزارة طيئا وعليهم حصين⁣(⁣٢) بن حذيفة، وخرجت طيئ في طلب القوم، فلحق حاتم رجلا من بدر⁣(⁣٣)، فطعنه ثم مضى، فقال: إن مرّ بك أحد فقل له: أنا أسير حاتم. فمرّ به أبو حنبل، فقال: من أنت؟ قال: أنا أسير حاتم. فقال له: إنه يقتلك، فإن زعمت لحاتم أو لمن سألك أنّي أسرتك، ثم صرت في يدي خلَّيت سبيلك، فلما رجعوا قال حاتم: / يا أبا حنبل⁣(⁣٤) خلّ سبيل أسيري، فقال أبو حنبل: أنا أسرته، فقال حاتم: قد رضيت بقوله، فقال: أسرني أبو حنبل، فقال حاتم⁣(⁣٥):

  إنّ أباك الجون لم يك غادرا ... ألا من بني بدر أتتك الغوائل

  صوت

  وهاجرة من دون ميّة لم تقل ... قلوصي بها والجندب الجون يرمح⁣(⁣٦)

  بتيهاء مقفار⁣(⁣٧) يكاد ارتكاضها ... بآل الضّحى والهجر بالطَّرف يمصح

  - الهجر ها هنا مرفوع بفعله، كأنه قال: يكاد ارتكاضها بالآل يمصح بالطرف، هو والهجر. / ويمصح:

  يذهب بالطَّرف -:

  كأنّ الفرند المحض معصوبة به ... ذرا قورها ينقدّ عنها وينصح⁣(⁣٨)

  إذا ارفضّ أطراف السّياط وهلَّلت ... جروم المهاري عدّ منهنّ صيدح⁣(⁣٩)

  عروضه من الطويل.

  الهاجرة: تكون وقت الزوال. والجندب: الجرادة. والجون: الأسود. والجون: الأبيض أيضا: وهو من الأضداد. وقوله: يرمح، أي ينزو من شدة الحرّ لا يكاد يستقرّ على الأرض. والتّيهاء من الأرض: التي يتاه فيها.

  والمقفار: التي لا أحد فيها ولا ساكن بها. ذكر ذلك أبو نصر عن الأصمعيّ. وارتكاضها؛ يعني ارتكاض هذه التّيهاء، وهو نزوها بالآل، والآل: السراب. والهجر والهاجرة واحد. وقوله: الهجر بالطرف يمصح، رفع الهجر / بفعله كأنه قال: يكاد ارتكاضها بالآل يمصح بالطرف، هو والهجر. يمصح: يذهب بالطَّرف. والفرند: الحرير الأبيض. والمحض: الخالص. يقول: كأن هذا السراب حرير أبيض، وقد عصبت به ذرى قورها، وهي الجبال


(١) قريّة: موضع بجبل طيئ.

(٢) الديوان: «حصن بن حذيقة».

(٣) الديوان: «من بني بدر».

(٤) ف: «جبيل»، والمثبت من الديوان أيضا.

(٥) ديوانه ٥٠.

(٦) ديوان ذي الرمة ٨٦. لم تقل، من القيلولة. والجندب: شبه الجراد في ظهره نقط.

(٧) في الديوان: «وبيداء مقفار».

(٨) ينقد: ينشق، وفي ف: «ينقد عنه».

(٩) كذا في ف، وفي باقي الأصول: «عذبتهن صيدح».