أخبار حاتم ونسبه
  عليك قريّتك(١). ثم إنه أتاه رجل، فقال له: إنك إن تقدم القريّة تهلك. فانصرف ولم يقدم.
  حاتم وأسير له
  غزت فزارة طيئا وعليهم حصين(٢) بن حذيفة، وخرجت طيئ في طلب القوم، فلحق حاتم رجلا من بدر(٣)، فطعنه ثم مضى، فقال: إن مرّ بك أحد فقل له: أنا أسير حاتم. فمرّ به أبو حنبل، فقال: من أنت؟ قال: أنا أسير حاتم. فقال له: إنه يقتلك، فإن زعمت لحاتم أو لمن سألك أنّي أسرتك، ثم صرت في يدي خلَّيت سبيلك، فلما رجعوا قال حاتم: / يا أبا حنبل(٤) خلّ سبيل أسيري، فقال أبو حنبل: أنا أسرته، فقال حاتم: قد رضيت بقوله، فقال: أسرني أبو حنبل، فقال حاتم(٥):
  إنّ أباك الجون لم يك غادرا ... ألا من بني بدر أتتك الغوائل
  صوت
  وهاجرة من دون ميّة لم تقل ... قلوصي بها والجندب الجون يرمح(٦)
  بتيهاء مقفار(٧) يكاد ارتكاضها ... بآل الضّحى والهجر بالطَّرف يمصح
  - الهجر ها هنا مرفوع بفعله، كأنه قال: يكاد ارتكاضها بالآل يمصح بالطرف، هو والهجر. / ويمصح:
  يذهب بالطَّرف -:
  كأنّ الفرند المحض معصوبة به ... ذرا قورها ينقدّ عنها وينصح(٨)
  إذا ارفضّ أطراف السّياط وهلَّلت ... جروم المهاري عدّ منهنّ صيدح(٩)
  عروضه من الطويل.
  الهاجرة: تكون وقت الزوال. والجندب: الجرادة. والجون: الأسود. والجون: الأبيض أيضا: وهو من الأضداد. وقوله: يرمح، أي ينزو من شدة الحرّ لا يكاد يستقرّ على الأرض. والتّيهاء من الأرض: التي يتاه فيها.
  والمقفار: التي لا أحد فيها ولا ساكن بها. ذكر ذلك أبو نصر عن الأصمعيّ. وارتكاضها؛ يعني ارتكاض هذه التّيهاء، وهو نزوها بالآل، والآل: السراب. والهجر والهاجرة واحد. وقوله: الهجر بالطرف يمصح، رفع الهجر / بفعله كأنه قال: يكاد ارتكاضها بالآل يمصح بالطرف، هو والهجر. يمصح: يذهب بالطَّرف. والفرند: الحرير الأبيض. والمحض: الخالص. يقول: كأن هذا السراب حرير أبيض، وقد عصبت به ذرى قورها، وهي الجبال
(١) قريّة: موضع بجبل طيئ.
(٢) الديوان: «حصن بن حذيقة».
(٣) الديوان: «من بني بدر».
(٤) ف: «جبيل»، والمثبت من الديوان أيضا.
(٥) ديوانه ٥٠.
(٦) ديوان ذي الرمة ٨٦. لم تقل، من القيلولة. والجندب: شبه الجراد في ظهره نقط.
(٧) في الديوان: «وبيداء مقفار».
(٨) ينقد: ينشق، وفي ف: «ينقد عنه».
(٩) كذا في ف، وفي باقي الأصول: «عذبتهن صيدح».