ذكر مقتل الزبير وخبره
  /
  أعاتك قد طلَّقت في غير ريبة ... وروجعت(١) للأمر الذي هو كائن
  كذلك أمر اللَّه غاد ورائح ... على الناس فيه ألفة وتباين
  وما زال قلبي للتّفرّق طائرا ... وقلبي لما قد قرّب اللَّه ساكن(٢)
  / ليهنك أني لا أرى فيك سخطة ... وأنك قد تمّت عليك المحاسن
  فإنك ممّن زيّن اللَّه وجهه ... وليس لوجه زانه اللَّه شائن
  قال: وأعطاها حديقة له حين راجعها على ألَّا تتزوّج بعده، فلما مات من السهم الذي أصابه بالطائف، أنشأت تقول:
  فللَّه عينا من رأى مثله فتى(٣) ... أكرّ وأحمى في الهياج وأصبرا
  إذا شرعت فيه الأسنّة خاضها ... إلى الموت حتى يترك الرّمح أحمرا
  فأقسمت لا تنفكّ عيني سخينة ... عليك ولا ينفكّ جلدي أغبرا(٤)
  مدى الدّهر ما غنّت حمامة أيكة ... وما طرد الليل الصّباح المنوّرا
  عمر بن الخطاب وعاتكة
  فخطبها عمر بن الخطاب، فقالت: قد كان أعطاني حديقة على ألا أتزوج بعده، قال: فاستفتي، فاستفتت عليّ بن أبي طالب #، فقال: ردّي الحديقة على أهله وتزوّجي. فتزوجت عمر فسرّح(٥) عمر إلى عدّة من أصحاب رسول اللَّه ﷺ، فيهم عليّ بن أبي طالب ~ - يعني دعاهم - لما بنى بها، فقال له علي: إنّ لي إلى عاتكة حاجة أريد أن أذكَّرها إياها، فقل لها تستتر حتى أكلَّمها، فقال لها عمر: استتري يا عاتكة فإنّ ابن أبي طالب يريد أن يكلمك، / فأخذت عليها مرطها(٦) فلم يظهر منها إلا ما بدا من براجمها(٧)، فقال:
  يا عاتكة:
  فأقسمت لا تنفكّ عيني سخينة ... عليك ولا ينفكّ جلدي أغبرا(٨)
  فقال له عمر: ما أردت إلى هذا؟ فقال: وما أرادت إلى أن تقول ما لا تفعل؛ وقد قال اللَّه تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ أللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ}(٩) وهذا شيء كان في نفسي أحببت واللَّه أن يخرج. فقال عمر: ما حسّن(١٠) اللَّه فهو حسن، فلما قتل عمر، قالت ترثيه:
(١) في ف: «زوجت».
(٢) في ف، و «المختار»، و «التجريد»: «فقلبي لما قرت به العين ساكن».
(٣) في «التجريد»: «مثل هالك».
(٤) في ف: «أصفرا».
(٥) في «المختار»: «فسير».
(٦) المرط: كساء من صوف أو خزّ.
(٧) البراجم: مفاصل الأصابع إذا قبض الشخص كفه نشزت.
(٨) في ف: «أصفرا».
(٩) الصف ٣.
(١٠) في ب: ما أحسن.