ذكر مقتل الزبير وخبره
  ثم تأيّمت(١) بعده، فكان عبد اللَّه بن عمر يقول: من أراد الشّهادة فليتزوّج بعاتكة. ويقال: إن مروان خطبها بعد الحسين # فامتنعت عليه، وقالت: ما كنت لأتّخذ حما(٢) بعد رسول اللَّه ﷺ.
  أخبرنا محمد بن العباس اليزيديّ قال: حدثنا الخليل بن أسد قال: حدثني العمريّ قال: حدثنا أسامة بن زيد، عن القاسم بن محمد قال:
  / لم يزل السهم الذي أصاب عبد اللَّه بن أبي بكر عند أبي بكر حتى قدم وفد ثقيف فأخرجه إليهم، فقال: من يعرف هذا منكم؟ فقال سعيد بن عبيد من بني علاج: هذا سهمي وأنا بريته، وأنا رشته، وأنا عقبته، وأنا رميت به يوم الطائف فقال أبو بكر: فهذا السهم الذي قتل عبد اللَّه، والحمد للَّه الذي أكرمه بيدك، ولم يهنك بيده.
  طويس يغني شعرا لعاتكة
  أخبرني اليزيديّ، عن الزّبير، عن أحمد بن عبيد اللَّه بن عاصم بن المنذر بن الزبير، قال:
  لما قتل الزبير وخلت عاتكة بنت زيد، خطبها عليّ بن أبي طالب # فقالت له: إني لأضنّ بك على القتل يا بن عمّ رسول اللَّه.
  أخبرني الحسين بن يحيى، عن حمّاد، عن أبيه، عن محمد بن سلَّام قال: حدثني أبي قال:
  بينا فتية من قريش ببطن محسّر يتذاكرون الأحاديث ويتناشدون الأشعار إذ أقبل طويس وعليه قميص قوهيّ(٣) وحبرة قد ارتدى بها، وهو يخطر في مشيته، فسلَّم ثم جلس، فقال له القوم: يا أبا عبد اللَّه غنّنا شعرا مليحا له حديث ظريف، فغنّاهم بشعر عاتكة بنت زيد ترثي عمر بن الخطاب:
  منع الرّقاد فعاد عيني عيد ... ممّا تضمّن قلبي المعمود
  الأبيات. فقال القوم: لمن هذه الأبيات يا طويس؟ قال لأجمل خلق اللَّه وأشأمهم، فقالوا: بأنفسنا أنت، من هذه؟ قال: هي واللَّه من لا يجهل نسبها ولا يدفع شرفها، تزوّجت بابن خليفة نبي اللَّه، وثنّت بخليفة نبيّ اللَّه، وثلَّثت بحواريّ نبيّ اللَّه، وربّعت بابن نبي اللَّه(٤) وكلَّا قتلت. قالوا جميعا: جعلنا فداك، إنّ أمر هذه لعجيب، بآبائنا أنت من هذه؟ قال: عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل. فقالوا: نعم، هي على ما وصفت، قوموا بنا لا يدرك مجلسنا شؤمها. قال طويس: إن شؤمها قد مات معها، قالوا: أنت واللَّه أعلم منّا.
  صوت
  يا دنانير قد تنكَّر عقلي ... وتحيّرت بين وعد ومطل
  شغفي شافعي إليك وإلَّا ... فاقتليني إن كنت تهوين قتلي
  / الشعر والغناء لعقيد مولى صالح بن الرشيد، خفيف ثقيل، وفيه لعريب رمل بالوسطى، وهذا الشعر يقوله في دنانير مولاة البرامكة، وكان خطبها فلم تجبه، وقيل: بل قاله أحد اليزيديّين، ونحله إيّاه.
(١) تأيمت: مكثت ولم تتزوج.
(٢) في ف، «المختار»: «حموا».
(٣) قيمص قوهي: أبيض.
(٤) في ف: «وربعت بابن بنت رسول اللَّه». وفي «المختار»: «وربعت بابن رسول اللَّه».