كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أخبار دنانير وأخبار عقيد

صفحة 308 - الجزء 18

  صوت

  عقيد يقول فيها شعرا ويغنيه

  هذي دنانير تنساني فأذكرها ... وكيف تنسى محبّا ليس ينساها!

  واللَّه واللَّه لو كانت إذا برزت ... نفس المتيّم في كفّيه ألقاها

  والشعر والغناء لعقيد، ولحنه من الرّمل المطلق في مجرى الوسطى، وفيه هزج خفيف محدّث.

  المغنون والجواري يغنون عند الأمين بشعر عقيد فيها

  قال أحمد بن أبي طاهر: حدثني عليّ بن محمد قال: حدثني جابر بن مصعب، عن مخارق، قال:

  مرّت بي ليلة ما مرّ بي قطَّ مثلها. جاءني رسول محمد الأمين وهو خليفة، فأخذني وركض بي إليه ركضا، فحين وافيت أتي بإبراهيم بن المهدي⁣(⁣١) على مثل حالي، فنزلنا، وإذا هو في صحن لم أر مثله قد ملئ شمعا من شمع محمد الأمين الكبار، وإذا به واقف ثم دخل / في الكرح⁣(⁣٢)، والدار مملوءة بالوصائف يغنّين على الطبول والسّرنايات⁣(⁣٣) ومحمد في وسطهنّ يرتكض في الكرح، فجاءنا رسوله، فقال: قوما في هذا الباب مما يلي الصّحن، فارفعا أصواتكما مع السرناي أين بلغ، وإيّاكما أن أسمع في أصواتكما تقصيرا عنه، قال: فأصغينا فإذا الجواري والمخنّثون يزمرون ويضربون:

  هذي دنانير تنساني وأذكرها ... وكيف تنسى محبّا ليس ينساها!

  أعوذ باللَّه من هجران جارية ... أصبحت من حبّها أهذي بذكراها

  قد أكمل الحسن في تركيب صورتها ... فارتجّ أسفلها واهتزّ أعلاها

  / قامت تمشّى فليت اللَّه صيّرني ... ذاك التراب الذي مسّته رجلاها

  واللَّه واللَّه لو كانت إذا برزت ... نفس المتيّم في كفّيه ألقاها

  فما زلنا نشقّ حلوقنا مع السرناي ونتبعه حذرا من أن نخرج عن طبقته، أو نقتصر عنه إلى الغداة، ومحمد يجول في الكرح ما يسأمه، يدنو إلينا مرة في جولانه ويتباعد مرّة، وتحول الجواري بيننا وبينه حتى أصبحنا.

  صوت

  ألا طرقت أسماء لا حين مطرق ... وأنّى إذا حلَّت بنجران نلتقي


(١) في ف، «المختار»، بيروت: «إبراهيم الموصلي».

(٢) أصل معنى الكرح بيت الراهب. وفي ف، بيروت، «المختار»: «وإذا محمد قد دخل في الخدم».

(٣) السرنايات: من آلات الصفير. وفي ب: «السرنابات والسرنابي».