كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خفاف ونسبه

صفحة 313 - الجزء 18

  وإلَّا فأنتم مثل من كان قبلكم ... ومن يعقل الأمثال غير الأكايس

  وقال مالك بن عوف النّصريّ:

  سليم بن منصور دعوا الحرب إنما ... هي الهلك للأقصين أو للأقارب

  ألم تعلموا ما كان في حرب وائل ... وحرب مراد أو لؤيّ بن غالب

  تفرّقت الأحياء منهم لجاجة ... وهم بين مغلوب ذليل وغالب

  فما لسليم ناصر من هوازن ... ولو نصروا لم تغن نصرة غائب

  دريد بن الصمة يعاهدهما على الكف عن الحرب وتهادي الشعر من غير شتم

  / قال: ثم أصبحنا، فاجتمعت بنو سليم، وجاء العبّاس وخفاف، فقال لهما دريد بن الصّمة ولمن حضر من قومهما: يا هؤلاء! إن أوّلكم كان خير أوّل، وكل حيّ سلف خير من الخلف، فكفّوا صاحبيكم عن لجاج الحرب وتهاجي الشعر، قال: فاستحيا العباس فقال: فإنا نكف عن الحرب، ونتهادى الشعر، قال: فقال دريد: فإن كنتما لا بد فاعلين فاذكرا ما شئتما ودعا الشّتم، فإن الشّتم طريق الحرب، فانصرفا على ذلك. فقال العباس بن مرداس:

  فأبلغ لديك بني مالك ... فأنتم بأنبائنا أخبر

  فأما النّخيل فليست لنا ... نخيل تسقّى⁣(⁣١) ولا تؤبر

  ولكنّ جمعا كجذل⁣(⁣٢) الحكا ... ك فيه المقنّع والحسّر

  مغاوير تحمل أبطالنا ... إلى الموت ساهمة ضمّر

  وأعددت للحرب خيفانة ... تديم الجراء⁣(⁣٣) إذا تخطر

  صنيعا كقارورة الزّعفرا ... ن ممّا تصان ولا تؤثر

  ويقال: صبيغا. قال: فأجابه خفاف فقال:

  أعبّاس إنّ استعار القصي ... د في غير معشره⁣(⁣٤) منكر

  علام تناول ما لا تنال ... فتقطع نفسك أو تخسر⁣(⁣٥)

  / فإنّ الرّهان إذا ما أريد ... فصاحبه الشامخ المخطر⁣(⁣٦)

  تخاوص لم تستطع عدّة⁣(⁣٧) ... كأنك من بغضنا أعور

  فقصرك مأثورة إن بقي ... ت أصحو بها لك أو أسكر⁣(⁣٨)

  لساني وسيفي معا فانظرن ... إلى تلك أيّهما تبدر


(١) في ف، بيروت: «تجذ».

(٢) الجذل: عود ينصب للإبل الجربي لتحتك به.

(٣) في ب، بيروت: الجداء.

(٤) في ف: «موضعه».

(٥) ف: تحسر.

(٦) في ف، هب: «السابح المحضر».

(٧) في هب، ف، بيروت: «تخاوص لم تستطع غيره». وتخاوص: غض من بصره شيئا.

(٨) ف: «فقصرك ما بعده ... أو أشكر».