أخبار خفاف ونسبه
  حتى إذا انكشفت عنكم عمايتها ... أنشأت تضرب أخماسا لأسداس
  وسعى أهل الفساد إلى خفاف فقالوا: إنّ عبّاسا قد فضحك، فقال خفاف:
  ألا أيّها المهدي لي الشّتم ظالما ... ولست بأهل حين أذكر للشّتم
  أبى الشّتم أنّي سيّد وابن سادة ... مطاعين في الهيجا مطاعيم للَّحم(١)
  / هم منحوا نصرا(٢) أباك وطاعنوا ... وذلك إذ ترمى ذليلا ولا ترمي
  كمستلحم في ظلمة اللَّيل بعد ما(٣) ... رأى الموت صرفا والسيوف بها تهمي
  أدبّ على أنماط(٤) بيضاء حرّة ... مقابلة الجدّين ماجدة العمّ
  وأنت لحنفاء اليدين لو أنّها ... تباع لما جاءت بزند ولا سهم
  وإني على ما كان أول أوّل ... عليه، كذاك القرم ينتج للقرم(٥)
  وأكرم نفسي عن أمور دنيئة ... أصون بها عرضي وآسو بها كلمي
  وأصفح عمّن لو أشاء جزيته ... فيمنعني رشدي ويدركني حلمي
  وأغفر للمولى وإن ذو عظيمة ... على البغي منها لا يضيق بها حزمي(٦)
  فهذي فعالي ما بقيت وإنّني ... لموص به عقبي إذا كنت في رجمي(٧)
  فقال له قومه: لو كان أوّل قولك كآخره يا خفاف لأطفأت النائرة(٨)، وأذهبت سخائم النّمائم، فقال العباس مجيبا له:
  ألا أيّها المهدي لي الشّتم ظالما ... تبيّن إذا راميت هضبة من ترمي
  أبى الذّمّ عرضي إنّ عرضي طاهر ... وإني أبيّ من أباة ذوي غشم
  وإنّي من القوم الذين دماؤهم ... شفاء لطلَّاب التّرات من الوغم(٩)
  / وقال أيضا:
  إن تلقني تلق ليثا في عرينته ... من أسد خفّان في أرساغه فدع(١٠)
  / لا يبرح الدهر صيدا قد تقنّصه ... من الرجال على أشداقه القمع(١١)
  وكان العباس وخفاف قد همّا بالصّلح، وكرهت بنو سليم الحرب، فجاء غويّ من رهط العبّاس فقال للعبّاس:
  إنّ خفافا قد أنحى عليك وعلى والديك، فغضب العباس، ثم قال: قد واللَّه هجاني، فكان أعظم ما عابني به أصغر
(١) في ب: «مطاعيم للجرم».
(٢) في ب، هب: الضرى.
(٣) في ب: محزما بدل بعد ما، وتعمي بدل تهمي.
(٤) الأنماط جمع نمط، وهو ضرب من البسط.
(٥) في ب: «عليه كذاك القوم ينتج للقوم»، تحريف. والقرم: السيد أو العظيم على التشبيه بالفحل.
(٦) في ب: «جزمي»، تصحيف.
(٧) رجمي: قبري.
(٨) النائرة: العداوة.
(٩) الوغم: الحقد الثابت. وفي ب: «شفاء لطلاب التراث من الرغم»، تحريف. وفي ف، بيروت: «شفاء لطلاب الشفاء من الرغم».
(١٠) فدع: اعوجاج.
(١١) القمع: الاحمرار.