خبر الحطيئة ونسبه
  قالوا: فما توصي لليتامى؟ قال: كلوا أموالهم ونيكوا(١) أمّهاتهم؛ قالوا: فهل شيء تعهد فيه غير هذا؟ قال:
  نعم، تحملونني على أتان وتتركونني راكبها حتى أموت فإنّ الكريم لا يموت على فراشه، والأتان مركب لم يمت عليه كريم قطَّ؛ فحملوه على أتان وجعلوا يذهبون به ويجيئون عليها حتى مات وهو يقول:
  لا أحد ألأم من حطيّه ... هجا بنيه وهجا المريّة
  من لؤمه مات على فريّه
  والفريّة: الأتان(٢).
  الغناء في شعر الحطيئة
  ذكر ما غنّي فيه من القصائد التي مدح بها الحطيئة بغيضا وقومه وهجا الزبرقان وقومه
  منها:
  صوت
  ألا طرقتنا بعد ما هجعوا هند ... وقد جزن(٣) غورا واستبان لنا نجد
  وإنّ التي نكَّبتها(٤) عن معاشر ... عليّ غضاب أن صددت كما صدّوا
  الغناء لعلَّويه ثقيل أوّل بالوسطى عن عمرو، وهذه القصيدة التي يقول فيها:
  أتت آل شمّاس بن لأي وإنما ... أتاهم بها الأحلام والحسب العدّ(٥)
  فإنّ الشقيّ من تعادي صدورهم ... وذو الجدّ من لانوا إليه ومن ودّوا
  يسوسون أحلاما بعيدا أناتها ... فإن غضبوا جاء الحفيظة والجدّ
  أقلَّوا عليهم لا أبا لأبيكم ... من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدّوا
  أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا(٦)
  وإن كانت النّعمى عليهم جزوا بها ... وإن أنعموا لا كدّروها ولا كدّوا
(١) كذا في أغلب النسخ. وفي م: «وانكحوا».
(٢) كذا في الأصول، ولم نجد في «كتب اللغة» التي بين أيدينا ما يدل على أن الفرية من أسماء الأتان. والتي بها من هذه المادة «الفرأ» (وقد يسهل ومنه «كل الصيد في جوف الفرا») وهو حمار الوحش ولعله أنث بالتاء وسهل مع تصغيره فصار فرية.
(٣) كذا في جميع الأصول. وفي «ديوان الحطيئة و» مختارات ابن الشجري «:» وقد سرن خمسا واتلابّ بنا نجد «ومعنى اتلاب: انبسط.
(٤) أراد المدحة التي عدل بها عن آل الزبرقان إلى بغيض وقومه، وبين هذا البيت وما قبله جملة أبيات فراجعها في «ديوانه».
(٥) العدّ: القديم، ومنه قولهم: ماء عدّ أي قديم لا ينتزح، ونقل صاحب «اللسان» عن بعض المتحذلقين أنه فسر العدّ في قولهم: حسب عدّ بمعنى كثير: أخذا من قولهم: ماء عدّ أي كثير، ثم قال: وهذا غيري قويّ وأن يكون العدّ القديم أشبه واستشهد على هذا المعنى بالبيت.
(٦) رواية «اللسان» مادة عقد: «وإن عاقدوا شدّوا».