أخبار الأعشى ونسبه
  أعشى بني أبي ربيعة، فقال: أصلح اللَّه الأمير / لا براءة من ذنب، ولا ادّعاء على اللَّه في عصمة لأحد من المصرين، قد واللَّه اجتهدوا جميعا في قتالك، فأبى اللَّه إلَّا نصرك؛ ذلك أنهم جزعوا وصبرت، وكفروا وشكرت، وغفرت إذ قدرت، فوسعهم عفو اللَّه وعفوك فنجوا، فلولا ذلك لبادوا وهلكوا، فسرّ الحجّاج بكلامه وقال له جميلا، وقال: تهيّأ للوفادة إلى أمير المؤمنين حتى يسمع هذا منك شفاها، انتهى.
  اعتذاره للحجاج من رثائه عبد اللَّه بن الجارود
  أخبرني محمد بن خلف وكيع، قال: حدثني حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، قال: بلغ الحجّاج أنّ أعشى بني أبي ربيعة رثى عبد اللَّه بن الجارود، فغضب عليه، فقال يعتذر إليه:
  أبيت كأنّي من حذار ابن يوسف ... طريد دم ضاقت عليه المسالك
  ولو غير حجّاج أراد ظلامتي ... حمتني من الضّيم السّيوف الفواتك
  وفتيان صدق من ربيعة قصرة ... إذا اختلفت يوم اللَّقاء النّيازك(١)
  يحامون عن أحسابهم بسيوفهم ... وأرماحهم واليوم أسود حالك
  مدحه عبد الملك بن مروان
  أخبرني أبو الحسن الأسديّ، قال: حدّثني أحمد بن عبد اللَّه بن عليّ(٢) بن سويد بن منجوف، عن ابن مؤرّج، عن أبيه، قال:
  دخل أعشى بني أبي ربيعة على عبد الملك بن مروان، فأنشده قوله:
  رأيتك أمس خير بني معدّ ... وأنت اليوم خير منك أمس
  وأنت غدا تزيد الضّعف ضعفا ... كذاك تزيد سادة عبد شمس(٣)
  / فقال له: من أيّ بني أبي ربيعة أنت؟ قال: فقلت له: من بني أمامة، قال: فإن أمامة ولد(٤) رجلين: قيسا وحارثة، فأحدهما نجم، والآخر خمل. فمن أيهما أنت؟ قال: قلت: أنا من ولد حارثة، وهو الذي كانت بكر بن وائل توّجته، قال: فقام بمخصرة(٥) في يده، فغمز بها في بطني، ثم قال: يا أخا بني أبي ربيعة همّوا ولم يفعلوا، فإذا حدّثتني فلا تكذبني، فجعلت له عهدا ألا أحدّث قرشيّا بكذب أبدا.
  مدحه أسماء بن خارجة
  أخبرني عمّي، قال: حدّثنا ابن أبي سعد، قال: حدّثني أحمد بن الهيثم السّلميّ(٦)، قال: حدثني أبو فراس محمد بن فراس، عن الكلبيّ، قال:
(١) يقال: فلان ابن عمه قصرة، أي قريب. والنيازك: الرماح القصيرة.
(٢) في ب: «حدثني عبد اللَّه بن علي».
(٣) في «المؤتلف والمختلف» ١٠: «وأنت غدا تزيد الضعف خيرا». وبعده:
وتاج الملك ليس يزال فيهم ... يحوّل فوق رأس كل رأس
(٤) ف: ولدت رجلين.
(٥) المخصرة: ما يأخذه الملك بيده يشير به إذا خاطب والخطيب إذا خطب.
(٦) في هب، ب: الشامي.