كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مساور ونسبه

صفحة 356 - الجزء 18

  لقد كان في عينيك يا حفص شاغل ... وأنف كثيل⁣(⁣١) العود عما تتبّع

  تتبّعت لحنا في كلام مرقّش ... ووجهك مبنيّ على اللحن أجمع

  فقام حفص من المجلس خجلا، وهاجره مدة.

  وصيته لابنه

  نسخت من كتاب عبيد اللَّه اليزيديّ بخطَّه: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: كان مساور الورّاق من جديلة قيس، ثم من عدوان، مولى لهم، فقال لابنه يوصيه:

  شمّر ثيابك واستعدّ لقائل ... واحكك جبينك للعهود بثوم

  إنّ العهود صفت لكل مشمّر ... دبر الجبين مصفّر موسوم

  أحسن وصاحب كلّ قار ناسك ... حسن التّعهّد للصلاة صؤوم

  من ضرب حمّاد هناك ومسعر ... وسماك العتكيّ وابن حكيم

  وعليك بالغنويّ فاجلس عنده ... حتى تصيب وديعة ليتيم⁣(⁣٢)

  تغنيك عن طلب البيوع نسيئة ... وتكفّ عنك لسان كلّ غريم

  وإذا دخلت على الرّبيع مسلَّما ... فاخصص شبابة منك بالتّسليم

  ولاه عيسى بن موسى عملا فانكسر عليه الخراج

  قال: ففعل ما أوصاه به أبوه، فلم يلبث مساور أن ولَّاه عيسى بن موسى عملا، ودفع إليه عهده، فانكسر عليه الخراج، فدفع إلى بطين صاحب عذاب عيسى يستأديه، فقال مساور:

  /

  وجدت دواهر⁣(⁣٣) البقّال أهنى ... من الفرنيّ⁣(⁣٤) والجدي السّمين

  وخيرا في العواقب حين تبلي ... إذا كان المردّ إلى بطين

  فكن يا ذا المطيف بقاضيينا ... غدا من علم ذاك على يقين

  وقل لهما إذا عرضا⁣(⁣٥) بعهد: ... برئت إلى عرينة من عرين

  فإنك طالما بهرجت فيها ... بمثل الخنفساء على الجنين

  مرّ بمقبرة صديقه حميد الطوسيّ وقال في ذلك شعرا

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا محمد بن موسى بن حماد، قال:

  مرّ مساور الورّاق بمقبرة حميد الطوسيّ وكان له صديقا، فوقف عليها مستعبرا، وأنشأ يقول:

  أبا غانم أمّا ذراك فواسع ... وقبرك معمور الجوانب محكم


(١) الثيل: وعاء قضيب البعير، والعود: المسن من الإبل. وفي ف: «كمثل العود».

(٢) في ب: لتميم.

(٣) في هب: نواهض. وفي ف: نواقض. والدواهر: الشدائد. والفرني: نوع من الخبز يعجن بالسمن والسكر.

(٤) الفرني جمع فرنية، وهي خبزة تروى لبنا وسمنا وسكرا.

(٥) في ف: اعترضا.