كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر الحطيئة ونسبه

صفحة 461 - الجزء 2

  جئت سوق الظَّهر⁣(⁣١) فإذا بكثيّر، وإذا الناس متقصّفون⁣(⁣٢) عليه، فتخلَّصت حتى دنوت منه فقلت: أبا صخر؛ قال: ما تشاء؟ قلت: من أشعر الناس؟ قال: الذي يقول:

  وآثرت إدلاجي على ليل حرّة ... هضيم الحشا حسّانة المتجرّد⁣(⁣٣)

  تفرّق بالمدرى أثيثا⁣(⁣٤) نباته⁣(⁣٥) ... على واضح الذّفرى⁣(⁣٦) أسيل المقلَّد

  قال: قلت: هذا الحطيئة؟ قال: هو ذاك.

  كذبه سيدنا عمر في شعر له

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن موسى قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخزّاز عن المدائنيّ عن عليّ ابن مجاهد عن هشام بن عروة:

  أنّ عمر بن الخطاب ¥ أنشد قول الحطيئة:

  متى تأته تعشو⁣(⁣٧) إلى ضوء ناره ... تجد نار عندها خير موقد

  فقال عمر: كذب، بل تلك نار موسى نبيّ اللَّه ÷.

  / أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن الهيثم بن عديّ عن حمّاد الرواية:

  أنّ رجلا دخل على الحطيئة، وهو مضطجع على فراشه وإلى جانبه سوداء قد أخرجت رجلها من تحت الكساء، فقال له: ويحك! أفي رجلك خفّ؟ قال: لا واللَّه ولكنها رجل سوداء، أتدري من هي؟ قال: لا؛ قال:

  هي واللَّه التي أقول فيها:

  وآثرت إدلاجي على ليل حرّة

  - وذكر البيتين - واللَّه لو رأيتها / يا بن أخي لما شربت الماء من يدها؛ قال: فجعلت تسبّه أقبح سبّ وهو يضحك.

  ومنها:

  صوت

  ما كان ذنب بغيض لا أبا لكم ... في بائس جاء يحدو أينقا شزبا⁣(⁣٨)


(١) لم نضبط هذه الكلمة ويحتمل أن تكون مضمومة الظاء وهو الوقت المعروف وفي نسخة أ، ط: ضبطت الظهر بفتح الظاء والظهر: الإبل.

(٢) أي مزدحمون.

(٣) الحسانة (بضم الحاء وتشديد السين): الشديدة الحسن والمتجرّد بالفتح مصدر بمعنى التجرّد وقد يكسر يراد به الجسم.

(٤) أي شعرا كثيفا كثيرا.

(٥) كذا في أغلب النسخ و «مختارات ابن الشجريّ». وفي ب، س، ط: «كأنه» وهو تحريف.

(٦) الذفري: العظم الشاخص خلف الأذن. والأسيل: الطويل. والمقلد: العنق.

(٧) تعشو: تقصد في الظلام. قال المرزوقي في «شرح الفصيح»: يقال عشا يعشو إذا سار في ظلمة تسمى عشوة. وقال ابن يعيش: عشوته أي قصدته في الظلام، ثم اتسع فقيل لكل قاصد عاش. وتعشو حال من ضمير المخاطب في قوله تأته. انظر «الخزانة» للبغدادي ج ٣ ص ٦٦٠ و ٦٦١.

(٨) شزبا: جمع شازبة وهي الضامرة. قال الأصمعيّ: سمعت أعرابيا يقول: ما قال الحطيئة: أينقا شزبا، إنما قال: «أعنزا شسبا»