أخبار ابن مناذر ونسبه
  تحبّ؟ قال: تخرج معي حتى أطارحك، فطارحني القصيدة التي يقول فيها:
  إنّ عبد المجيد يوم تولَّى ... هدّ ركنا ما كان بالمهدود
  هدّ عبد المجيد ركني وقد كن ... ت بركن أبوء منه شديد(١)
  قال: فما زلت حتى حفظتها ووعيتها، ووضعنا فيها لحنا، فلما كان في الليلة التي يناح بها على عبد المجيد فيها، صلَّينا العشاء الآخرة في المسجد الجامع، ثم خرجنا إلى دارهم، وقد صعد النساء على السّطح ينحن عليه، فسكتن سكتة لهنّ، فاندفعنا أنا وهو ننوح عليه، فلما سمعتنا أقبلن يلطمن ويصحن حتى كدن ينقلبن من السطح إلى أسفل من شدة تشرّفهنّ علينا وإعجابهنّ بما سمعنه منا، وأصبح أهل المسجد ليس لهم حديث غيرنا، وشاع الخبر بالبصرة وتحدّث به الناس حتى نقل من مجلس إلى مجلس.
  أم عبد المجيد تبرّ قسمه وتصيح صياحا يقال إنه أول ما قيل في الإسلام
  وأخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال لي: حدثني موسى بن(٢) حماد بن عبد اللَّه القرشيّ، قال: حدثني محمد بن النعمان بن جبلة الباهليّ، قال: لما قال ابن مناذر:
  لأقيمنّ مأتما كنجوم اللَّيل ... زهرا يلطمن حرّ الخدود
  موجعات يبكين للكبد ... الحرّى عليه وللفؤاد العميد
  / قالت أم عبد المجيد: واللَّه لأبرّنّ قسمه، فأقامت مع أخوات عبد المجيد وجواريه مأتما عليه، وقامت تصيح عليه: واي، ويه، واي، ويه، فيقال: إنها أول من فعل ذلك وقاله في الإسلام.
  رثاء له في عبد المجيد
  وأخبرني بهذا الخبر ابن عمّار عن عليّ بن محمد النوفليّ عن عمه:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن محمد بن عامر النخعيّ(٣)، قال:
  أنشدني محمد بن مناذر لنفسه يرثي عبد المجيد بن عبد الوهاب يقول:
  /
  يا عين حقّ لك البكا ... ء لحادث الرّزء الجليل
  فابكي على عبد المجي ... د وأعولي كلّ العويل
  لا يبعد اللَّه الفتى ال ... فيّاض ذا الباع الطَّويل
  عجل الحمام به فودّ عن ... أوآذن بالرّحيل
  لهفي على الشّعر المعفّ ... ر منك والخدّ الأسيل
  كسفت لفقدك شمسنا ... والبدر آذن بالأفول
  عرض قصيدته الدالية على أبي عبيدة فلم تعجبه
  حدثني عمّي قال: حدثنا الكرانيّ قال: حدثني النّضر بن عمرو عن المازنيّ، قال: حدثنا حيّان:
(١) بيتان من قصيدة تقع في تسعة وثلاثين بيتا. انظر «مهذب الأغاني» ٧ - ١٦٠.
(٢) ف: «حدثني يونس بن حماد».
(٣) ف: «الحنفي».