كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن مناذر ونسبه

صفحة 377 - الجزء 18

  أنّ ابن مناذر دفع قصيدته الدالية إليه، وقال: اعرضها على أبي عبيدة، فأتيته وهو على باب أبي عمرو بن العلاء، فقرأت عليه منها خمسة أبيات فلم تعجبه، وقال: دعني من هذا، فإني قد تشاغلت بحفظ القرآن عنه وعن مثله، قال: وكان أبو عبيدة يبغضه ويعاديه لأنه هجاه.

  هبود وعبود

  أخبرني محمد بن مزبد بن أبي الأزهر، قال: حدّثنا حماد بن إسحاق، عن أبيه، قال: قال ابن مناذر: قلت:

  يقدح الدهر في شماريخ رضوى

  / ثم مكثت حولا لا أدري بم أتمّمه، فسمعت قائلا يقول: هبّود، قلت: وما هبّود؟ فقال لي: جبيل في بلادنا، فقلت:

  ويحطَّ الصّخور من هبّود

  قال إسحاق: وسمع أعرابيّ هذا البيت، فقال: ما أجهل قائله بهبّود! واللَّه أنها لأكيمة ما توارى الخارئ، فكيف يحطَّ منها الصّخور!.

  أخبرني عمّي، قال: حدثنا الكرانيّ، قال: حدّثني أبو حاتم، قال: سمعت أبا مالك عمرو بن كركرة يقول:

  أنشدني ابن مناذر قصيدته الدّالية التي رثى فيها عبد المجيد، فلمّا بلغ إلى قوله:

  يقدح الدّهر في شماريخ رضوى ... ويحطَّ الصّخور من هبّود

  قلت له: هبّود، أيّ شيء هو؟ فقال: جبل، فقلت: سخنت عينك، هبّود واللَّه بئر باليمامة ماؤها ملح لا يشرب منه شيء خلقه اللَّه، وقد واللَّه خريت فيها مرّات، فلما كان بعد مدة وقفت عليه في مسجد البصرة وهو ينشدها، فلما بلغ هذا البيت أنشدها:

  ويحط الصّخور من عبّود

  فقلت له: عبّود، أيّ شيء هو ذا⁣(⁣١)؟ فقال: جبل بالشّام، فلعلك يا بن الزّانية خريت عليه أيضا، فضحكت ثم قلت: لا ما خريت عليه ولا رأيته، وانصرفت عنه وأنا أضحك.

  أخبرني عمّي قال: حدّثني الكرانيّ، عن العمريّ، عن الهيثم بن عديّ، قال:

  كان يحيى بن زياد يرمى بالزّندقة، وكان من أظرف الناس وأنظفهم، فكان يقال: أظرف من الزّنديق.

  شعر له في محمد بن زياد

  وكان الحاركيّ واسمه محمد بن زياد يظهر الزندقة تظارفا، فقال فيه ابن مناذر:

  يا بن زياد يا أبا جعفر ... أظهرت دينا غير ما تخفي

  مزندق والظاهر باللفظ⁣(⁣٢) في ... باطن إسلام فتى عف


(١) في ب، س: أي شيء هو زيادة.

(٢) ف: «مزندق الظاهر باللطف».