أخبار ابن مناذر ونسبه
  كان من أحضر الناس جوابا
  أخبرني هاشم بن محمد، قال: حدثنا الخليل بن أسد، قال:
  كان ابن مناذر من أحضر الناس جوابا، قال له رجل: ما شأنك؟ قال: عظم في أنفي.
  قال: وسأله رجل يوما: ما الجرباء؟ فأومأ بيده إلى الأرض، قال: هذه، يهزأ به، وإنّما الجرباء السّماء.
  خبره مع الخليل بن أحمد
  أخبرني أحمد بن العبّاس العسكريّ المؤدّب، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزيّ، قال: حدّثني جعفر بن محمّد عن دماذ(١) قال:
  / دار بين الخليل بن أحمد وبين ابن مناذر كلام، فقال له الخليل: إنما أنتم معشر الشّعراء تبع لي، وأنا سكَّان السّفينة، إن قرّظتكم ورضيت قولكم نفقتم وإلَّا كسدتم، فقال ابن مناذر: واللَّه لأقولنّ في الخليفة قصيدة أمتدحه بها ولا أحتاج إليك فيها عنده ولا إلى غيرك.
  يمدح الرشيد فيجيزه
  فقال في الرّشيد قصيدته الَّتي أوّلها:
  ما هيّج الشوق من مطوّقة ... أوفت على بانة تغنّينا
  يقول فيها:
  ولو سألنا بحسن وجهك يا ... هارون صوب الغمام أسقينا
  / قال: وأراد أن يفد بها(٢) إلى الرشيد، فلم يلبث أن قدم الرشيد البصرة حاجّا ليأخذ على طريق النّباج(٣) وكان الطريق(٤) قديما، فدخلها وعديله إبراهيم الحرّانيّ فتحمّل عليه ابن مناذر بعثمان بن الحكم الثّقفيّ، وأبي بكر السّلميّ حتى أوصلاه إلى الرّشيد، فأنشده إيّاها، فلما بلغ آخرها كان فيها بيت يفتخر فيه وهو:
  قومي تميم عند السّماك لهم ... مجد وعزّ فما ينالونا(٥)
  فلما أنشده هذا البيت تعصّب عليه قوم من الجلساء، فقال له بعضهم: يا جاهل، أتفخر في قصيدة مدحت بها أمير المؤمنين. وقال آخر: هذه حماقة بصريّة، فكفّهم عنه الرشيد ووهب له عشرين ألف درهم.
  الرشيد يستشهد بشعره ويبعث له بجائزة
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا محمد بن يزيد، قال: حدثني سهيل السّلميّ: أنّ الرّشيد استسقى في سنة قحط فسقي الناس، فسرّ بذلك، وقال: للَّه درّ ابن مناذر حيث يقول:
(١) ب: ابن دماذ.
(٢) ف، بيروت: «ينفذ بها»، وفي المختار: «ينفذها».
(٣) في بلاد العرب نباجان، أحدهما على طريق البصرة يقال له نباج بني عامر وهو بحذاء فيد، والآخر نباج بني سعد بالقريتين.
(٤) في ب، بيروت: «وهو كان الطريق».
(٥) ف: «فما يبالونا».