أخبار ابن عائشة ونسبه
١١ - أخبار ابن عائشة ونسبه
  اسمه وكنيته ولم يعرف له أب فنسب إلى أمه
  محمد بن عائشة ويكنى أبا جعفر، ولم يكن يعرف له أب فكان ينسب إلى أمّه، ويلقبه من عاداه أو أراد سبّه «ابن عاهة الدار». وكان هو يزعم أنّ اسم أبيه جعفر؛ وليس يعرف ذلك. وعائشة أمّه مولاة لكثير بن الصّلت الكنديّ حليف قريش. وقيل: إنها مولاة لآل المطَّلب بن أبي وداعة السّهميّ، ذكر ذلك إسحاق عن محمد بن سلَّام. وحكى ابن الكلبيّ القول الأوّل، وقال إسحاق: هو الصحيح، يعني قول ابن الكلبيّ. وقال إسحاق فيما رواه لنا الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه: إنّ محمد بن معن الغفاريّ ذكر له عن أبي السائب المخزوميّ أن ابن عائشة مولى المطَّلب بن أبي وداعة السّهميّ وإنّه كان لغير رشدة(١)، فأدركت المشيخة وهم إذا سمعوا له صوتا حسنا قالوا:
  أحسن ابن المرأة. قال إسحاق وقال عمران بن هند الأرقميّ: بل كان مولى لكثير بن الصّلت.
  سأله الوليد بن يزيد عن نسبه لأمه فأجابه
  قال إسحاق: قال عبيد اللَّه بن محمد بن عائشة: قال الوليد بن يزيد لابن عائشة: يا محمد، ألغيّة أنت؟ قال:
  كانت أمّي يا أمير المؤمنين ما شطة، وكنت غلاما، فكانت إذا دخلت إلى موضع قالوا: ارفعوا هذا لابن عائشة؛ فغلبت على نسبي.
  كان يفتن كل من سمعه وأخذ عن معبد ومالك
  قال إسحاق: وكان ابن عائشة يفتن كلّ من سمعه، وكان فتيان من المدينة قد فسدوا في زمانه بمحادثته ومجالسته. وقد أخذ عن معبد ومالك ولم يموتا حتّى ساواهما على تقديمه لهما واعترافه بفضلهما.
  كان جيد الغناء دون الضرب
  وقد قيل: إنه كان ضاربا ولم يكن بالجيّد الضرب؛ وقيل: بل كان مرتجلا لم يضرب قطَّ.
  كان يضرب بابتدائه المثل وكان أحسن المغنين بعد معبد
  وابتداؤه بالغناء كان يضرب به المثل، فيقال للابتداء الحسن كائنا ما كان من قراءة قرآن، أو إنشاد شعر، أو غناء يبدأ به فيستحسن: كأنه ابتداء ابن عائشة. قال إسحاق: وسمعت علماءنا قديما وحديثا يقولون: ابن عائشة أحسن الناس ابتداء، وأنا أقول: إنه أحسن الناس ابتداء وتوسّطا وقطعا بعد أبي عبّاد معبد، وقد سمعت من يقول:
  إنّ ابن عائشة مثله؛ وأمّا أنا فلا أجسر على أن أقول ذلك.
  وكان ابن عائشة غير / جيّد اليدين فكان أكثر ما يغنّي مرتجلا. وكان أطيب الناس صوتا.
  قال إسحاق وحدّثني محمد بن سلَّام قال قال لي جرير: لا تخدعنّ عن أبي جعفر محمد بن عائشة، فلو لا
(١) لغير رشده: لغير نكاح صحيح. يقال: فلان ولد لرشده، أي لنكاح صحيح. وضدّه غيّة فيقال: ولد لغيّة أي لزنية.